تخطى إلى المحتوى

أيها الشباب .. إنتبهوا لخطورة هذه الأقلام

    كل من يتتبع الصفحات الأدبية في الصحف المحلية.. والمجلات الأدبية في البلاد العربية عموماً.. يجد أن الموضوع الذي يدور حوله الحديث أكثر من غيره.. من الفنون الأدبية.. هو موضوع الحداثة في الشعر بالذات؟؟ وإشكالات اللغة العربية..!!

    وهو توجه.. أو اهتمام لا يمكن أن يكون دافعه فيما نعتقد.. التطور الفكري أو الحضاري للإنسان العربي.. بل هو توجه لتبرير مفهوم يناقض.. موروثا قوميه.. يعتقد البعض أنه لا يتلاءم مع معطيات العصر الحديث.. أو لا يتفق مع طبيعة التطور التاريخي للأشياء في الحياة.. باعتبار أن الدعوة لرفض هذين الموروثين توجه مرتبط بالناحية الفكرية للإنسان العربي.. وهو تصور خاطئ لأن الثورة على هذين الموروثين.. لا تمثل في الواقع نقله حضارية للإنسان.. بل هي انتكاسه ثقافيه لا يمكن أن تفرز ملامح ذاتيه أصيله للأمة العربية.. ولن يكون لها أي مردود في تفكير الإنسان العربي.. أي نقله من مرحله التخلف.. إلى مرحله التطور العلمي الذي تتطلع إليه الأجيال العربية.. أو تؤدي إلى تكوين الشخصية الثقافية الأصيلة للأمة العربية..

    كما أن هذا التوجه لن يكون البديل لموروث عربي أصيل عميق الجذور عرف عن الأمة العربية في الحياة الفكرية والأدبية..

    وإذا كان لهذا الإشكالات الحديثة الوافدة.. التي سيطرت على الساحة الأدبية عندنا.. والتي أهتمت بها الصفحات الأدبية.. في السنتين الأخيرتين دوافع خفيه- كما قلت في أحاديث سابقه- فهي بلا جدال امتداد لمؤثرات استشراقية معروفه في الغرب.. هجفها ترويض الذهن العربي لقبول التخلي عن أداة تعبير أو موروث لغوي مرتبط بالتراث الثقافي للأمة العربية..!!

    وتنظيرات (أدونيس) وإن كانت تتسم بالحداثة.. والمعاصرة.. هي بلا جدال تنظيرات مشبوهة.. تهجف لهزيمة الإنسان العربي (لغويا).. بعد الإحباطات العسكرية والسياسية التي حدثت للأمة العربية..!

    والتحديث.. أو التجديد.. أو المعاصرة- في رأينا- لا يكون بمسخ الأصالة المعروفة عالمياً.. للشعر العربي واللغة العربية الفصحى.. ومن يندفع خلف هذا الاتجاه من أبنائنا.. ويؤمن بتنظيرات أدونيس.. أو غيره من دهاقنة الحداثة. فهو يتجنى على تراثه وأصالته.

    والانفتاح على الثقافة العالمية.. كما يدعيه بعض النقاد عندنا.. والمتحذلقون المندفعون خلف تيار الحداثة الشعرية.. لا يعني رفض الموروث الثقافي الأصيل.. للأمة العربية أو التنكر للغة العرب الفصحى..

    فالطروحات والتنظيرات التي يستشف منها الإنسان تلويث اللغة العربية وتهجينها.. وتلويث ذهن.. وزوق المتلقي العربي.. ليست هي الوسيلة لوجود ثقافه عربية متميزة متفتحة على المعرفة الغربية.. والعلوم الحديثة المفيدة للإنسان العربي..

    وإبراز العضلات بمعرفه البنيوية.. والألسنية.. والتشريحية.. أو الأسلوبية.. وغيرها من المناهج النقدية المعروفة في الغرب. والتي أدت إلى إفساد الذوق الأدبي هناك. وترويجها في الساحة الأدبية عندنا. بوعي أو بدون وعي- هو في رأينا توجيه لا يخدم قضية الأدب.. أو يجعل لنا إبداعاً أدبياً أصيلاً..

    نعم نحن مع الانفتاح والحداثة التي تثري الفكر بالمعرفة والعلوم الإنسانية المفيدة.. وليس الانفتاح أو الحداثة التي لا تستهدف سوى شيء واحد. هو تهجين اللغة العربية.. وإفساد الشعر العربي الأصيل..

    وعندما يقول أحد كتابنا البارزين في الساحة الأدبية.. وهو من أذكى المؤثرين في المتلقي.. ومن أقوى المتأثرين بتنظيرات دهاقنة الحداثة.. (بأن القصيدة لم تعد هي الشعر القديم صاحب مجد (الاستشهاد).. لأن (العامية) قد حلت محل (الفصحى) كلغة للشعر.. وصارت القصيدة (النبطية) هي البديل عن المعلقة الشعرية.. ومن هنا فإن البحث عن النموذج.. (ويقصد به الشعر الفصيح والاستشهاد به لأنه الرمز الأمثل في اللغة العربية) تصادم موروثين مختلفين..

    (ويقصد بهما اللاوعي المعرفي الذي كان سائداً في قلب الجزيرة العربية والذي تحدث عنه بذكاء.. والشعر النبطي. لا يصلح الموجود منهما أن يكون مادة لاستشهاد العرب. أو مصدراً لثقافتهم.. وهذا هز شعار (النموذج) مثلما هز الخيمة. ولم يبق سوى الإنسان الذي هو آخر أرصده الجزيرة العربية.. انتهى..!!

    وهذا القول.. أو الرأي الذي أتى به.. ماذا يعني؟؟ هو بلا شك طرح ينطلق من ذهنيه متأثرة بأفكار حاقده.. أو كارهه للشعر العربي.. ولو أن طروحاته تتمسح بمفهوم حضاري.. فإن ما يرتئيه (مغالطه) مقصودة لا تنطلي على المتلقي الواعي.. بصرف النظر عن الرؤية أو الصورة الجميلة الحديثة التي خلعها على إنسان الجزيرة العربية.. لا الاستشهاد بالشعر العربي الأصيل.. سيظل موجوداً في كل وقت.. وكل مكان في العالم العربي.. ما دامت اللغة العربية الفصحى هي الأداة الموصلة للمتلقي.. والمعبرة عن الأفكار والمعاني عند الإنسان العربي.. كما أن المتغيرات الحضارية الحديثة لإنسان الجزيرة العربية التي تحدث عنها ببراعة وذكاء.. لا تعني حتميه أو جدليه تاريخيه تؤدي إلى انسلاخ إبن الجزيرة العربية عن لغته الفصحى.. وبالتالي عدم وجود (النماذج) الذي تحدث عنه..

    ومن المؤسف والمحزن حقاً.. أن يكون لحديثه تأثير كتأثير السحر في ذهن المنسحقين.. والمتأثرين بإحباطات نفسيه.. وضياع.. أو قلق فكري تعاني منه الأمة العربية بكاملها.. نتيجة للنكسات التي منيت بها.. ونتيجة لازمه العقل.. والضمير العربي في الوقت الراهن..

    أعود فأقول.. أنني لست ضد الحداثة في الأعمال الأدبية والفنية التي تلمست نهج مذاهب أدبيه أو فنيه عرفت في الغرب.. أو عنيت بإشكالات حديثه في القصة.. والرواية.. والمسرحية.. برزت في أعمال أدبيه.. لبعض الشباب في المملكة.. إذا التزمت بأداة تعبير عربية فصيحة.. ولست ضد الغموض في النصوص الموجودة في هذه الأعمال الأدبية.. التي أصبحت مشكلة في رأي بعض الأدباء الكبار في المملكة.. ولكني أرفض المحاولات التخريبية للشعر العربي.. واللغة العربية الفصحى.. وأدعو الشباب إلى الحذر من الاندفاع خلف هذا التوجه المشبوه..!! لأن هدف هذه الأقلام التي تسللت لصحافتنا المحلية في السنوات الأخيرة.. هو ترويض عقول الشباب في المملكة لقبول ما يدعونه إبداعاً فكرياً لشعر الحداثة.. والترويج لموروث شعر عامي في البلاد العربية ليكون البديل عن القصيدة العربية الأصيلة.. وأدعوهم –أي الشباب- إلى دراسة المخزون الأدبي العظيم للغة العربية الشاعرة.. وتاريخ الأدب العربي.. حافل بالإبداعات الفكرية التي يتشدقون بها.. وهو غني بكل علم لغوي ومنهج نقدي.. تدعيه هذه الأقلام.. (كالألسنية).. التي بدأت تتسلل هي الأخرى لصحافتنا المحلية.. وللحديث عن (الألسنية) التي يدعون بأنها علم أو منهج (لغوي) جديد.. أو فتح حضاري إنساني.. حديث آخر..