مقال الأستاذ (فوزي الأسمر) الذي قرأته في الرياض الأسبوعي الأخير العدد 5794 بعنوان (الشعور بالذنب هل يتلاشى ؟؟) مقال هادف يعتمد على التحليل الموضوعي للخلفيات العقلية والنفسية لليهود .. لاعتناقهم شعارات وأفكاراً قد تأثروا بها وأثروا بواسطتها على الرأي العام في الغرب .. ومنها دعوى (اللاسامية) وعقدة الشعور بالذنب ..!!
وهاتان الفكرتان قد برزتا بشكل مكثف في مؤلفاتهم الكثيرة وفي كتاباتهم الصحافية في الغرب عقب الحرب العالمية الثانية وبعد قيام دولة إسرائيل ..!! ونشرت بكل اللغات وترجمت لمختلف اللغات ومنها العربية..!!
وفكرة (اللاسامية) التي أصبحت حالياً سلاحاً يوجه إلى كل مفكر أو زعيم سياسي ينتقد السياسة الإسرائيلية أو يعارض الأفكار الصهيونية .. لم تكن موجوده من قبل .. أوعلى الأقل لم تعرف إلا بعد قيام دولة إسرائيل ..!
كما أن فكرة (الشعور بالذنب) لم تعرف إلا بعد ابتزاز دولة إسرائيل لألمانيا الاتحادية بعد الحرب العالمية الثانية بمطالبتها بدفع تعويضات هائلة عن ضحايا النازية من اليهود ..!!
فهي مقوله يراد بها تبرير هذا الابتزاز وإقناع الشعوب الغربية.. واليهود أنفسهم أيضاً بشرعيه وأحقيه هذه التعويضات ..!!
فكان المحارق النازية (الهولوكوست) لم تلتهم إلا اليهود .. وسجن (ليندخاو) لم يكن فيها غيرهم.!! فهي قصة (مفبركة) قد أخرجت على المسرح العالمي
بذكاء .. وهذا القول لا ينفي وقوع ضحايا يهود – كما ذكر الكاتب – بيد النازية لأنها مذهب أو عقيده (فاشيستيه) قامت على أفكار عنصرية و مبادئ
استعمارية .. ولكن هذه القصة ضخمت .. وروجتها الصهيونية العالمية في الصحف الغربية لتبرير هذه التعويضات ..!!
وإذا صح ما يقال من أن الصهيونية العالمية قد تعاونت مع زعماء النازية لأحداث هذه الكارثة من أجل اقتلاع اليهود في أوروبا الشرقية وألمانيا من أوطانهم وذهابهم لفلسطين لتشريد أهلها .. فإن هذا الأسلوب يدل على العقلية المتحجرة .. والنفسية المعقدة ..!!
ومع ذلك .. فإن دولة إسرائيل هي الجهة الوحيدة المتضررة التي يحق لها المطالبة بدفع التعويضات عن ضحايا النازية!! أما الدول الغربية التي عانت من ويلاتها فلم يتيسر لها المطالبة بمثل هذه التعويضات ..!!
والشيء المثير للدهشة هو أن الولايات المتحدة التي تبنت مشروع مارشال و الذي كان له أكبر الأثر في قيام الصناعة القوية في ألمانيا و تعمير منشأتها كانت الممول الحقيقي لهذه التعويضات ..!!
فقد أثيرت شائعات في مطلع الخمسينات وهو بدء قيام حكومة المستشار العجوز (اديناور) بدفع هذه التعويضات لإسرائيل وفي تقارير سياسية غربية مفادها أن الولايات المتحدة هي التي تدفعها سراً لألمانيا .. ولكن هذه الشائعات لم تلبث أن طمست في حينها ولم تجر أيه تحقيقات بشأنها..!! وهذه مجرد إشاعة. ولكنها غير مستبعده !!
أن دعوى أو فكرة (اللاسامية) السلاح المسلط على كل ضمير إنساني حي يعارض السياسة الإسرائيلية الظالمة الجائرة أم لا يتقبل العنصرية الصهيونية و استعلائها هي دعوى قد يكون لها – يا سيدي الكاتب – تأثير سيزول مع مرور الزمن .. إذا استمرت في عدوانها على الشعوب العربية كما حدث في لبنان .. و استمرت في إنكارها لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بنفسه .. كما أن هذا التأثير – يا سيدي – سيزول إذا أصبحت العنصرية و الاستعلاء هي المستحكمة في عقل و نفس الشعب اليهودي ..!!
لأن كل فكره قوميه أو دينيه متعصبة تقوم على أساس عنصري بحت .. أو (أيديولوجية) متطرفة أو حركه (شوفونيه) مبربره فمصيرها الفناء العاجل ..!! و كثير من المؤرخين المفكرين قديماً و حديثاً يرون – و شواهد التاريخ تؤيد رأيهم – بأن سبب اضمحلال الإمبراطورية الرومانية هو تعنصرها وإستعلاء أفرادها.. ومنهم من يرى بأن سبب ضعف الدولة العربية الإسلامية بعد الفتح الإسلامي هو تمسك الفاتحين بهذه الفكرة .. وهذه العنعات القبلية من ازديه .. و نزاريه وعدنانيه و قحطانية ..!! فهذه النظرة الخاطئة هي التي أوجدت (الشعوبية) المناهضة و المعادية للدولة العربية الكبيرة ..!!
والشعب اليهودي يرى بأنه شعب الله المختار ..!! وبروتوكولات حكماء صهيون صارخه بهذه العنصرية ..!! وكل تصرفات زعماء إسرائيل و أغلب الشعب اليهودي هناك تنطلق من هذا المفهوم المناقض للعقل و المنطق و ناموس الحياة ..!! وأعتقد أن هذه العنصرية وهذا الحكم والاستعلاء من قبل اليهود في العالم سوف لن تجوز في كل مكان .. ومن يستطيع أن ينكر أو ينفي هذا التحكم في مقدرات الشعوب الغربية حالياً ..؟؟ ومن يستطيع أن ينكر احتمال وجود تيار قور معاد لليهود في الولايات المتحدة نفسها ..؟؟ وهو شيء غير مستبعد.. و غير مستحيل !!
فإذا كان اليهود ضحايا للنازية .. فالفلسطينيون هم أيضاً ضحايا للصهيونية..!! و كثير من مفكري اليهود المعتدلين لا يقبلون – كما هو الظاهر – سياسة إسرائيل المعادية للشعب الفلسطيني .. وكثير منهم في الغرب من ينظر إلى مستقبل الشعب اليهودي في العالم نظره تشاؤم و يحاول أن يدق ناقوس الخطر ..!!غير أن هذه الأصوات ليس لها صدى أو تأثير على الرأي العام في إسرائيل على ما يبدو ..!!
أن العرب والفلسطينيون – كما قلت في نهاية كلمتك يا سيدي – وهي كلمة حق ما كانوا أعداء للشعب اليهودي المسالم. فكل مطلع على التاريخ القديم يدرك هذه الحقيقة .. فلم يكن منهم قديما (نبوخذنصر) المعتدي .. ولا (كورش) القاتل و السابي .. ولا (طيطس) الهادم و المشرد ..!! ولا (فرعون) المضطهد ..!! وإذا كان اليهود ضحايا للمحارق النازية الحديثة ولاضطهاد الكنيسة وملوك الفرنجة في القرون الوسطى .. فإن العرب قد تعايشوا مع اليهود بسلام في جميع عصورهم ..!!
وإذا كان هناك احتكاك دموي وقع بينهم و بين العرب في قلب الجزيرة العربية بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم (ليثرب) فذلك بسبب كيدهم للرسول و للدعوة الإسلامية .. ووقوفهم مع أعدائها من المشركين وهم عرب .. ولم يحارب اليهود لكونهم يهودا أصلاً ..!!
هذا تعقيب مؤيد لأغلب ما جاء في كلمتك أردت أن أبديه أيضاً للحق و الحقيقة .. وتوضيحاً لأفكار أثرت أنت أن تعلنها فكانت محل إعجاب القارئ الواعي .. ولأنني أعرف أنك كاتب فلسطيني جهير .. ومفكر بل منظر يستمد أفكاره من وحي ضميره فإنني أتمنى عليك الاستزادة من مثل هذه المقالات الموضوعية الهادفة .. وإعادة كتابتها باللغة الفرنسية التي تجيدها لنشرها في الصحف الباريسية .. وإن كان هذا غير ممكن فليكن نشرها في مجلة (لوجور دو ليبان) التي تصدر في بيروت ليكون لها صدى وتأثير أكثر لدى الأوساط الفكرية في الغرب ..!! ولك تحياتي وشكراً..