الأديب الكبير الأستاذ عزيز ضياء .. أثار في زاويته مع الحياة .. قضية مهمه .. أحسب أنها قد شغلت أذهان المفكرين العرب منذ الحرب العالمية الأولى حتى الآن.. وهي الحضارة الغربية الحديثة. ومقارنتها بالتخلف الحضاري في دول وبلدان العالم الثالث..!!
ويبدوا أن الأستاذ عزيز يقصد بالحضارة أو التحضر التقدم العلمي الذي تحقق في الدول الغربية في أعقاب النهضة الأوروبية الحديثة .. وعقود الاستعمار والتقدم العلمي الذي تحقق في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية .. بالمقارنة للتخلف العلمي الموجود في دول وبلدان العالم الثالث..!!
فالحضارات المعروفة في التاريخ البشري قد يكون أساس تكوينها ونشأتها مادياً كالحضارة الفرعونية و البابلية والأشورية فهذه الحضارات لم تنشأ و تكرس مدلولاً للحضارة يثرى الفكر الإنساني بالقيم الأخلاقية .. لأنها قد اعتمدت على القوة المادية في تفاعلها مع الحياة والإنسان .. وهو ما أتصور – إلى حد ما-أن الحضارة الغربية المعاصرة تندرج في هذا الإطار الذي لا يمثل سوى الحس المادي في الحياة..!!
كما أن هناك حضارات قديمة لم تنطلق من أساس مادي .. ولكنها انطلقت من مبادئ فليفيه مثالية كالحضارة الصينية القديمة .. والهندية والبيزنطية في المشرق .. أي أن الحضارة التي قامت على أساس مادي ليست هي المقياس لتحضر لإنسان وتقدمه الحضاري..!!
وأديبنا الكبير حاول أن ينفي التخلف الحضاري أو عدم التحضر عن الأمة العربية لأن شواهد حضارتها ثابته في التاريخ .. إلا أنه لم يحاول أن يلقي الأضواء على أسباب التخلف العلمي الذي تعيشه الأمة العربية..!
فهل هذا التخلف الحضاري يعود سببه لعدم اعتماد الإدارة والعقلية العربية لمعارف فكريه نظريه وجدت في ما يسمى بالحضارة الغربية المعاصرة .. كما يبدو أنا الأستاذ عزيز وغيره من المفكرين العرب يؤمن به ؟؟ أم أن هذا التخلف العلمي يعود سببه لأسباب خارجه عن إرادة هذه الأمة..؟؟
هذه هي الإشكالية التي ينبغي أن تهتم بها الإرادة والعقلية العربية ممثله في النخبة المثقفة والجامعات والمؤسسات العلمية في البلاد العربية .. فهل حاجتنا لاكتساب المعرفة العلمية التطبيقية الموجودة في الغرب تنحصر في نقل المناهج الفكرية النظرية وتقليد سلوكيات الشعوب الغربية في الحياة المادية فحسب..؟؟ أم أن الصواب هو اقتباس المعرفة العلمية التطبيقية الموجودة فيما نسميه الحضارة الغربية مع احتفاظنا بالقيم والمبادئ الإنسانية المعروفة في حضارتنا الإسلامية..؟؟