أديبنا الأستاذ أبو عبد الرحمن إبن عقيل الظاهري أهدى في صفحة الرأي من هذه الجريدة (الجزيرة) كلمة للدكتور الغذامي عراب البنيوية في السعودية كما يقولون .. يعترف فيها بأنه أشد حيره من ضب في كيفية التولج في مسالك البنيوية ..!! ويفرق فيها بين الكلام العادي .. والكلام المثير لدهشة المتلقي في النصوص الأدبية ..!!
والشواهد أو النصوص التي ذكرها للاحتجاج بها على فتيه الأدب ذكرتني بمؤلف صغير صدر في بيروت عندما كنت أعمل في السفارة هناك للشاعر اللبناني (أمين نخله) وعنوانه إن لم تخني الذاكرة (دفتر الغزل) وهو يحتوي على كلام غير عادي مجنح بمعان تثير دهشة القارئ وإعجابه ولا أدري إن كان الأستاذ أبو عبد الرحمن إبن عقيل أطلع عليه..!!
فالكلام الأدبي الذي يثير دهشة المتلقي ليس هو صياغه لغويه من الاستعارات والمجازات اللفظية واللغوية التي لا تدل على معنى يدركه ذهن القارئ .. وإنما هو الكلام الذي يعجبك ويطربك ..وهو ما يطلق عليه نقادنا الأوائل السهل الممتنع .. وليس هو الغموض المتوفر في القصائد النثرية التي أصبحت قضية عند البعض من أبناء الأمة العربية الذين لا يفرقون بين ما هو نثر في حقيقته .. وماهو شعر في طبيعته ..!! لأن أغلب هؤلاء متأثر بكاتبات أو بدراسات نقديه ليس الهدف منها تجديد الصياغة الشعرية بقدر ما تهدف إلى فك ارتباط الإنسان العربي بالشعر الأصيل..!! وفي ظني أن الهجمة التي شهدتها ساحتنا الأدبية للتبشير بالقصيدة النثرية والمذاهب الأدبية الحديثة في الغرب والشللية التي صاحبتها في الأندية والصحافة ..إنما كانت تمثل ظاهره (رفض) ناتجه عن حاله نفسيه يعاني منها المتلقي ليس في المملكة فحسب .. وإنما في مختلف البلدان العربية .. ظاهره رفض للتخلف العلمي في العالم العربي واحتجاج على الانتكاسات في العقدين الماضيين .. والتخلص من هذا الواقع لا يتم في رأيي بتكريس وتعقيد المنهجية الفكرية .. والسلوك الاجتماعي والمذاهب النقدية الحديثة الموجودة في الغرب وإنما يتم ذلك باكتساب الإنجازات العلمية الحديثة التي عمقت فيه ليعود للفرد في العالم العربي ثقته بنفسه وتراثه..!!
وعلى أي حال نحن متفائلون بعودة أديبنا ذائع الصيت الأستاذ إبن عقيل لجذوره الروحية والثقافية التي أعلن عنها في مقالاته مؤخراً.. وأما أخونا الدكتور الغذامي فكان له من عمق ثقافته التراثية .. ومعرفته بالدراسات النقدية الحديثة .. وكفاءته الأكاديمية ما يجعله قادراً أيضاً على تخطي الانبهار بالدعاية المضللة.. وإدراك الحقيقة .. وعدم التأثر أو الانخداع بتسليط الأضواء على شعراء القصيدة النثرية..!!