تخطى إلى المحتوى

عود .. على بدء

    كنت أقرأ في كتاب للصحفي المعروف الأستاذ (عثمان حافظ) يحتوي على مقالات تتناول قضايا سياسية واجتماعية .. وأفكار أدبية .. ومن بينها مقال يتحدث فيها عن الجوانب السلبية التي يتعرض لها الطلبة المبتعثون للدراسة في الولايات المتحدة .. ويستغرب أن الأكثرية منهم يتجه – بوحي من المسؤولين في الجامعات هناك – للتخصص في دراسات نظرية لا تتلائم مع حياتنا الاجتماعية والفكرية! ! وأن الخطر يتمثل في محاولة تطبيق مناهجها أو معطياتها .. فليس كل دراسة نظرية سائدة في الغرب تكون صالحه بالضرورة للتطبيق في بلادنا!!
    وفي ظني أن من بين هذه الدراسات النظرية علوم اللسانيات الحديثة المنتشرة في الغرب .. والتي تخصص فيها بعض الدارسين من أبناء الأمة العربية .. ولست أستنكر التخصص في هذه الدراسات ولكن أعتقد أن محاولة البعض منهم تطبيق معطياتها على اللغة العربية والإبداع الأدبي في اللغة العربية خطأ فاحش ..!!

    فإذا كانت الفيليوجي و السيمبولوجي .. والسيمانتكس والايتمولوجي. وغيرها من المصطلحات الخاصة بدراسة اللغات قد وجدت في الغرب مؤخراً لمعرفة أصول وفروع اللغات ولهجات الشعوب الغربية والتركيب اللغوي والنحوي .. لهذه اللغات وتاريخها وتطورها .. وهي دراسات لا غبار عليها .. إلا أن هناك من أستغل هذه الدراسة مثل (نعوم أو ناحوم تشومسكي) وليفي شتراوس وغيرهما كثيرون وأدخلوا عليها معارف نظرية أخرى تؤدي إلى تقويض اللغة العريقة .. وتحبذ الانسلاخ عنها .. بدعوى التجديد!!

    وقد ذكرت مراراً في كتاباتي السابقة حول هذا الموضوع .. أن الخطورة في الدراسات اللسانية (اللنقويستك) ليست في منهجها الفكري إن وجد فحسب .. وإنما في المضمون الشكلي الذي تدعوا إليه .. وفي اعتمادها معارف إنسانيه نظرية كالأنثروبولوجي .. والميثولوجي .. وعلم الاجتماع اللغوي والأدبي .. لأن تطبيق هذه المعارف أو اعتمادها يؤثر في أصالة اللغة العربية وفي شكل النص الأدبي في هذه اللغة..!!

    مره أخرى .. أقول أنني لست ضد هذه الدراسة اللغوية أو التخصص فيها.. ولكني أعتقد أن التحمس لها .. والاندفاع خلف معطياتها واعتمادها في تحديث اللغة والإبداع الأدبي في اللغة العربية .. هو الخطأ الذي ينبغي أن يتجنبه أبناء الأمة العربية..!!