تخطى إلى المحتوى

الخطأ .. والصواب في السياسة

    يمر الإنسان في حياته بتجارب عديدة .. يستطيع أن يفرق على ضوئها بين الخطأ .. والصواب .. كما أن الشعوب والأمم أيضاً تمر بتجارب عديدة تستفيد منها إذا كانت ناجحة أو صائبة .. وتكون لها عبرة وعظة إذا كانت خاطئة ..!!

    وقد ذكرت في يوميات سابقة .. بأن بعض البلاد العربية قد مرت في مطلع الستينات بتجارب اقتصادية خاطئة لا تزال تعاني منها .. كما وقع فيها أحداث غامضة وانتكاسات كان لها تأثير سيء في نفسية المواطن العربي .. وفي تفكيره .. وإذا لم تعرف أو تكشف الحقيقة .. أي الأسباب التي أحاطت بها .. سيظل المواطن العربي مخدوعاً بشعارات أطلقت في تلك الفترة لتغطية أهداف بعيدة المدى .. وسيظل مؤمناً برموز سياسية كانت – في الحقيقة والواقع – سبباً في تلك الانتكاسات والتجارب الخاطئة !!

    فمثلاً هل كان في صالح الشعوب العربية .. وأمانيها القومية الاندفاع العاطفي الأعمى خلف الشعارات البراقة التي أطلقت في تلك الفترة .. وهل كان كل أو بعض من نادى بها مخلصاً للأماني العربية ..؟؟

    ودخول النفوذ السوفييتي في المنطقة مثلاً – ما هو مردوده ونتائجه ؟؟ وهل كان في صالح الأماني القومية للشعوب العربية ؟؟ أم هو مرسوم لهذه المنطقة ؟؟ وهل العداء المفتعل من قبل بعض الأنظمة العربية في تلك الفترة .. وحتى الآن للغرب .. هل كان حقيقة أم مجرد شعارات زائفه ..؟؟

    وقضية فلسطين والفلسطينيين هل من مصلحتها العداء للولايات المتحدة الأمريكية ؟؟ وهل من مصلحة القضية وجود المقاومة المسلحة في أقطار ضد إرادة شعبها ..؟؟ وهل استقطاب بعض الأنظمة العربية لفصائل المقاومة من صالح القضية ..؟؟

    هذه أسئلة تشير أو تثير قضايا نعتقد بأن من واجب رجال السياسية والفكر في البلاد العربية .. والمختصين في الجامعات دراستها وتحليلها بوضوح وصراحة.. وإلقاء الأضواء عليها بتجرد وكشف حقيقة التوجهات التي أدت إلى الانتكاسات المؤسفة!!

    فالعقل العربي يصعب عليه تصديق وقوعها بمجرد الصدفة ولماذا لا يكون نتيجة لوجود تخطيط مسبق ينفذ بوعي .. أو بدون وعي ؟؟

    ومن المؤسف حقاً .. إن المواطن العربي لا يعرف حقيقة ما حدث في العالم العربي في تلك الفترة إلا عن طريق أقلام غير عربية ..!! بصورة مذكرات .. أو نتيجة تقارير سياسية أو وثائق رسمية أفرج عنها فيما بعد ..! أو مؤلفات غربية قد لا يكون الهدف منها كشف الحقائق .. والخفايا والأسرار بقدر ما يكون الهدف منها هو بلبلة الأفكار حین نشرها ..!! مثل كتاب (لعبة الشعوب) وغيره ..!! ومع ذلك فهي توحي بأن الانقلابات العسكرية كانت مدبرة .. والانتكاسات التي وقعت في منطقتنا العربية سواء كانت عسكرية .. أو اقتصادية كانت مرسومة بذكاء ..!! وأن القرارات السياسية – كدخول النفوذ السوفييتي للمنطقة مثلاً .. كانت لتحقيق أهداف بعيدة المدى ..!!

    يقول أحد الكتاب الذي يكرس قلمه حالياً للكتابة عن تاريخ تلك الفترة في بلده .. بأن الحوار الذي سيجرى سيكشف الكثير من الحقائق والملابسات التي أحاطت بعمليات التأميم في العهد الناصري .. وهل كانت في صالح الشعب المصري أم لا؟ وهل تواجد (الديكتاتورية) الناصرية .. واختفاء الديمقراطية في عهده – أي وجود الأحزاب – كان من أجل تنفيذ قرارات خاطئة اعتمدها ذلك العهد لتخريب الاقتصاد المصري .. ومنع قيام صناعة مصرية متطورة ..!!

    نعم رجال الفكر والسياسة والمختصون مطالبون بإجراء هذا الحوار وكشف الحقائق ولو كانت مرة .. لأن بقاء الوعي الجماهيري في العالم العربي مضللاً قد يكون له تأثير في انطلاقه من قيود فكرية خاطئة .. وشعارات خادعة ..!!

    فهل يتحقق هذا الحوار والدراسة والتحليل لمقدمات ونتائج عن أحداث فترة الستينات وما بعدها ..؟؟ الصحف العربية مع الأسف تتسابق لنشر مذكرات لصحفيين أو سياسيين عرب .. وأغلبها قد تكون موجهة لطمس الحقائق لا كشفها للرأي العام ..!! ومن تصدى منهم لكتابة تاريخ الأحداث تجده .. يجتهد لتبرير خطأ أرتكب من قبل ذلك العهد وكان سبباً لتدهور الأوضاع .. أو الانتكاسات التي حدثت .. وإذا وجد من بينهم من لم يكن متورطاً تجده ينطلق من مبدأ عقائدي غير محايد في كتابته تاريخ العهود السياسية السابقة ..!! فليس لهذه المذكرات التي تجتهد بعض الصحف العربية على التهافت لنشرها أي مردود مفيد للمواطن العربي .. لأنها تتحاشى كشف الحقائق المرة خوفاً أو إشفاقاً.!!

    والمواطن العربي وخصوصاً الجيل الجديد يجب أن يكون على بصيرة بما خفي عن الجيل الذي سبقه .. حتى يعرف الحقيقة ولا ينخدع (برموز) سياسية مشبوهة .. أو شعارات مفتعلة وانتماءات عقائدية مضللة .. الهدف منها هو تكريس الخلافات العربية .. ووجود الصراعات الدموية الطائفية في عالمنا العربي مع الأسف ..!! ويجب على المواطن العربي المسلم أن لا ينجر أيضاً للتطرف الديني المعادي للطوائف العربية الأخرى .. لأن الهدف من هذا التطرف .. إشاعة الفتنة وتكريس العداء بين مواطني البلد الواحد ..!!