تخطى إلى المحتوى

حامد مطاوع .. وكتابه .. جريدة المدينة

    (شيء من الحصاد ..) كتاب جديد من إصدار مؤسسة تهامة .. و من تأليف الأستاذ (حسن حامد مطاوع) رئيس تحرير جريدة الندوة المكية .. أتيحت لي فرصة قراءته .. و أشهد بأنه كلما قرأت موضوعاً ازددت شوقاً إلى قراءة الموضوع الذي يليه ! لأن الموضوعات التي يتحدث عنها المؤلف في صورة تحليلات, ومقالات, لها معطيات فكرية و ثقافية, جيده تثير الاهتمام .. كما أن طريقته في الكتابة تتميز بقوة التعبير و جمال الأسلوب ..!

    والموضوعات التي يتحدث عنها المؤلف في حصاده ذات معطيات مفيدة للقارئ العادي, كما أنها في رأيي تثير اهتمام الدارس المتعمق في دراسته … فإذا تحدث عن موضوع سياسي, أو اقتصادي أو تحدث عن قضية من قضايا الساعة نجده ينطلق من ثقافة واسعة, و إطلاع مستمر لكل ما يتصل بالموضوع الذي يتحدث عنه!

    فهو مثلاً عندما يتحدث عن ما كان يجري في إيران في عهد الإمبراطور رضا بهلوي تستشف من حديثه بعد نظره, وصدق توقعاته لخطورة الظواهر التي كانت تطفو على سطح الأحداث في إيران .. يتحدث عنها كخبير متابع للأحداث السياسية., أو الاجتماعية, محذراً من عقايبل ما كان يجري !

    وعندما يتحدث عن ثورة الخميني الإسلامية تستشف من خلال النظر أيضاً في تصوراته و توقعاته فهو يرى بأن هذه الثورة قد تكون مخاضاً أو مقدمات لأحداث خطيرة ستقع لإيران في المستقبل!!

    ويرى بأن التجاوزات التي يرتكبها حكام إيران الجدد هي خدش لضمير الثورة الإسلامية الصحيحة و طريق محفوف بالأشواك و الأخطار المتوقعة لإيران في المستقبل !

    هذه بعض الأمثلة لما يحتويه الكتاب من تحليلات سياسية. و تعليقاته على القضايا المعاصرة في العالم العربي. و الإسلامي و في الساحة العالمية .. وهي موضوعات كثيره أعتقد بأن القارئ الواعي يستفيد من قراءتها !

    أما الموضوعات الاقتصادية التي تحدث عنها في كتابه فهي تفيد القارئ العادي و الدارس المتخصص فقد تحدث عن مشكلة الطاقة و تأثيرها .. و تأثرها, وعن دور الدولار الأمريكي في الاقتصاد العالمي, وعن الحوار بين الجنوب و الشمال, وعن مشاكل التنمية, وما ذكرت على سبيل المثال لا الحصر, تحدث عنها المؤلف بأسلوب أدبي رشيق, و بقدره ممتازة على استيعاب جميع خلفيات هذه المواضيع ينطلق من دراسة واسعة, وتفهم لمؤثرات هذه القضايا, و متابعة مدهشة لما صدر في شأنها من وثائق, وأرقام, و تواريخ تجعل القارئ يقتنع برأيه .. و يستفيد من كتابته !

    وعن الأطماع الصهيونية في العالم العربي, ودور الولايات المتحدة, و التغلغل الشيوعي في منطقتنا العربية. والمذاهب الباطنية, و الأفكار الشعوبية و التعاليم اليهودية ..تحدث عنها المؤلف بتحليلات ومقالات واعيه, فهو لا يكتفي بسرد الوقائع و إنما يتعمق في دراسة الموضوع قبل أن يكتبه و يقدمه للقارئ .. وهو يعرض أفكاره و تصوراته بأسلوب إقناعي تفاوضي أن صح التعبير, مدعماً رأيه بحقائق تاريخية. و براهين و تواريخ ثابته تؤيد وجهه نظره, وما يريد أن يصل إليه !!

    فالقارئ الذي لديه اهتمامات بالفكر و الأدب, و الاقتصاد و التاريخ سيجد في كتاب المؤلف ما يؤيد مخزونه الثقافي كما أن الدارس المتعمق سيجد تجاوباً مع أفكار المؤلف و نظرته أو تحليله لهذه المواضيع .. كما سيجد أسلوباً أدبيه جميلة يختلف عن كتابه أغلب الصحفيين المعاصرين !!

    فأسلوبه أقرب إلى أسلوب الأديب منه إلى أسلوب الصحفي فالمؤلف يختار التعبيرات الجميلة, و الجمل الشاعرية وسيله لشرح وجهه نظره : إلا أنه يغرم (باستعمالات) لغويه قد تكون غريبه على السماع. وإن كانت سليمه لغة, فعندما يتحدث عن شيء منسوب للطاقة و هو كلمة حديثة يقول (طاقوي) و يجمع كلمة زيف على وزن (زيوف) و هي وإن كانت استعمالات غير معهوده في الكتابة حالياً .. إلا أنها صحيحة لغة و صرفاً .. فكلمة زيف على وزن كلمة (خيل) و خيل تجمع على وزن (خيول) كزيوف .. وهو أيضاً مغرم بنحت الكلمات .. واستعمال كلمات شعبيه .. و أعتقد بأن الإفراط في استعمال الكلمات أو الألفاظ الجديدة التي يختارها عمداً في أسلوبه أو كتابته قد تكون نشازاً في أسلوبه الأدبي الجميل الذي تميز به عن غيره !!

    والمؤلف أيضاً مغرم بكلمات شعبيه يشد بها ذهن القارئ عندما يرى نقد ظاهره اجتماعية, لأنه يرى بأن مخاطبه القارئ بهذه اللغة (البلدية) خير وسيله للإقناع و الاستجابة .. وحيث أنه مولع بجذور بلده.

    وتقاليد مجتمعه (المكاوي) فهو يتحدث إليه بهذا الأسلوب .. لغة الكبث و المزمار, ولهجه عفاريت المصافي و شياطين محبس الجن !!

    ويوقعها باسم (ابن حسن) ..!! و أرجو إلا أكون قد كشفت شيئاً أو أمراً يريد الأستاذ (حامد مطاوع) بأن يكون سراً لا يعرفه القارئ و لكن لا مشكلة في ذلك فهذا الأسلوب سبقه إليه نقاد اجتماعيون بارزون في العالم العربي من أمثال بيرم التونسي و غيره .. وهو أسلوب أو طريقة ناجحة للصحفي, والناقد الاجتماعي الموهوب.!

    وأعتقد بأن المؤلف يصنع جميلاً عندما يقوم بنشر جميع ما كتب في جريدة الندوة في كتاب أخر ليتسنى للقارئ قراءة إنتاجه .. لأن الموضوعات التي يتحدث عنها في ( رقيب اليوم ) موضوعات جديرة بالقراءة المتأنية الواعية .. وأعتقد بأن كتابه الأخير الذي أتيحت لي فرصه قراءته من أحسن الكتب التي صدرت مؤخراً في المملكة و هو جدير بالتنويه والإشادة.!