تخطى إلى المحتوى

الهجاء في الأدب العربي

    الهجاء.. أو الهجو.. بالشعر كانت له سوق رائجة عند العرب منذ أزمنة قديمة أهتمت به القبائل العربية.. وقد اعتنت بمبدعيه لأنهم كانوا يدافعون عن أمجاد هذه القبيلة أو تلك..!!

    والهجاء فن دعائي يوحي للدارس بانطباعات مختلفة عن الحالة النفسية والعقلية والاجتماعية أيضاً للقبائل العربية في الجاهلية قبل انصهار هذه القبائل في بوتقة الإسلام. وتوحيدها في كلمة سواء لا تعترف بنزعة أخرى غير النزعة الإسلامية. فانتهى بذلك توهج هذا الفن الدعائي لفترة طويلة في ظل الخلافة الرشيدة.. كما أنحسر عن الأذهان في عهد الدولة الأموية.!!

    وعندما اندمجت شعوب أخرى في الدولة الإسلامية.. شهدت الساحة الأدبية تجديداً لهذا الفن الأدبي بتحريض من الشعوب خصوصاً في العصر العباسي.. ولم يكن الهدف منه التفاخر بالأمجاد والبطولات الفردية والجماعية.. وإنما كان الهدف منه إثارة النعرات العرقية المندمجة في الوحدة الإسلامية.!!

    وفي العصر الحديث أصبح الهجاء بالشعر سلاحاً يستغله شاعر ضد شاعر آخر.. يصور فيه عيوبه ومباذله.. ويحاول تحقيره، غير أن هذا النوع من الشعر وأن كان يستهوي العامة. إلا أنه لا يجد صدى في النفس المترفعة عن التجريح.. كما أنه لا يجد الفرصة في التدوين لأنه ليس أهلاً للوقوف في شرفة التاريخ الأدبي كإبداع وجداني أو فكر محترم..!!

    ومع ذلك فإنك تجد في إنتاج بعض الشعراء المحدثين هجاء مقذعاً تستنكره النفس.. ويشمئز منه الخلق الرفيع.. كالقصائد المقذعة الموجودة في شعر نزار قباني..!! لأنها لا تتوخ الإصلاح بقدر ما تهدف لإثارة الأحقاد..!!

    ومع ذلك بعض الأدبيات الهجائية في الشعر المجهري تشعر بروعة عطائها لأنها لا تستهدف تجريح شخص أو طائفه أو مجتمع بذاته.. وإنما تعبر عن حكمه أو خطرات فكريه لا تعني بالتجريح.. وإنما تقال تنفيساً للتباريح. كقول اليأس فرحات.. وهو شاعر مهجري تعذب من غربته.. يقول:

    وأي هجاء في مقالي لعقرب

    له ولع بالشر.. إنك عقرب.؟؟