تخطى إلى المحتوى

محمد حسن عواد .. الشاعر الكاتب .. جريدة المدينة

    زعيم المرحلة التجديد في الأدب الحجازي أعمق و أجرأ أديب عرفه الأدب الحجازي في نقده و عطائه حتى الآن أول من ثار عن المنهج الإتباعي القديم في الشعر أول من دعا و أستعمل الشعر المرسل و الحر و المنثور في الحجاز أول من نقد المناهج التعليمية و العطاء الأدبي أول من رفض أي اثر لا يتمشى مع حاجة العصر و دعا إلى الانفتاح على ثقافة العالم في سائر الفنون أول من دعا إلى تعليم المرأة و طالبها بالمشاركة في النهضة في الحجاز.

    جمع في عطائه بين الشعر و القصة و المقالة في سائر أنواعها و يتسم بوضوح الشخصية و الاعتداد بآرائه وهو القائل :

    من هنا شع للحقيقة فجر

    من قديم و من هنا يتجدد

    ولد عملاق الأدب محمد حسن قاسم عواد بمدينة جدة من قبيلة عربية عريقة في نسبها و قدمها من الحجاز نشأ في كنف والديه ثم أدخله والده أحد الكتاتيب و عهد به إلى أحد أصدقائه لتعليمه الخط .. ثم أدخله مدرسة الفلاح بجدة و لكن القدر كتب على عواد أن لا يولد (و بفمه ملعقة من ذهب) كما يقول المثل الإنجليزي فقد توفى والده وهو صغير فحرم من حنانه مما كان سبباً في اعتماده على نفسه منذ الصغر. ثم نقلته أمه إلى بيت أخيها (محمد بن زقر) فعطف عليه و عنى بتعليمه و تثقيفه و تشجيعه على مواصلة دراسته حتى حصل على شهادة الثانوية من دار الفلاح ومما قاله العواد لي عن حياته في صغره (كنت شديد الحركة و التأمل و الشيطنة و الإقدام على الدراسة .. فقد عشت أشبه باليتيم لأن والدي رحمه الله توفى و إنا ما أزال في المدرسة طالباً فشعرت بالحاجة إلى الظل الذي فقدته. ولكنني أطأطئ رأسي للظرف القاهر .. وكان من عطف أمي وخالي بعض التعويض و أكملت الدراسة في الفلاح و من أساتذتي إبراهيم ضياء الدين و غيره.. و كان التعليم الحكومي قليلاً و يقصد منه سد حاجه الحكومة في مناحيها, ولكن العواد أخذ ينشد القصائد و يكتب الكلمات و يخاطب بها زملائه و أساتذته في مدرسة الفلاح بجدة. وأدرك و كيل ناظر المدرسة عبدالرؤوف جمجوم دور العواد في نشاطه المبكر مع يتمه فطلب منه أن يقوم بالتدريس في هذه المدرسة إلى جانب دراسته و بعد تخرجه عمل بمناصب الدولة معاوناً للتفتيش على المدارس و الكتب الواردة على المملكة من الخارج لمدة إحدى عشرة سنة ثم معاوناً لمديراً لمدرسة السعودية الحكومية, ثم معاوناً لمدير شعبة الطبع و النشر في مكة, اثنتا عشرة سنة, ثم كاتب ضبط في شرطة مكة.ثم معاوناً لرئيس القسم العدلي في الأمن العام بمكة. ثم محققاً جنائياً في نفس الإدارة (الأمن العام), ثم استقال و تعين مديراً للعلاقات العامة في إدارة المشاريع الحكومية بجدة. ثم انتخب عضو المجلس الشورى بمكة مع بقاء إدارة الغرفة التجارية, ثم أنتقل من الغرفة ومن المجلس .. و تعين مديراً لجريدة البلاد السعودية ثم مديراً عاماً لمؤسسة الصحافة و الطباعة و النشر بجدة. ثم تركها و أخذ يشتغل بالكتابة للصحف و الإذاعة و التليفزيون حتى الآن.

    وقد أنشأ مع بعض أصدقائه مؤسسة (فكفن) للعلاقات العامة و عمل في تجارة استيراد الكتب. ثم تركها. هذه هي حياة العواد في نشأته و عمله ..

    وقد سألته عن سر تقلباته في مناصب الدولة؟ ولكنه لم يجب فقلت لعل قصدك أن تطبق أفكارك و توجيهاتك و تباشرها عملياً؟! فعلمت أنه يقر ذلك ولا يجب أن يتباهى به.

    والواقع أن من قرأ كتابه خواطر مصرحه وجد فيه المواطن الموجه في سائر المجالات فهو يخاطب إبن الحجاز و يحثه على العمل و على الانفتاح على العالم. وذلك قبل أن يبلغ سن العشرين و مما جاء في إحدى مقالاته :

    (أمامنا الوطن بحاجاته المادية و المعنوية و ما يتطلبه الشعر فيها)

    (أمامنا العادات و الأخلاق بما فيها من فساد و يتطلب النقد)

    (أمامنا الحرية بأنواعها وما يجب من تمكينها في النفوس)

    (أمامنا الشرق الكسول الخامل وما يجب من تنشيطه)

    (أمامنا الطبيعة بظاهرها و باطنها ووحيها للعقل و القلب)

    (أمامنا العرب بحالتهم السياسية وواجب الشعر في هذا المجال)

    (أمامنا الغرب باختراعاته و مدهشاته)

    (أمامنا الحياة كلها بما فيها من خير و شر)

    إذا فمالنا نرجع إلى الوراء حتى في الأدب. و الأدب هو أول الطريق جناية جناها على أفكارنا و أقلامنا الأقدمون فطأطأنا لها الرؤوس ..

    كفى يا أدباء الحجاز إلا نزال مقلدين حجريين إلى الممات و أقسم لولا حركه عصريه في الأدب تقوم الآن في الحجاز بهمة لفيف من أحرار الأدب العصري الحديث لما عرف العالم شيئا في الحجاز يدعى الأدب الصحيح.

    وقد تعددت أثار العواد ما بين نثر و شعر و من أبرزها في النثر المقالات المتنوعة التي كان ينشرها في الصحف و المجلات ثم قام بجمعها في مؤلفات خاصة إلى جانب بعض المؤلفات المدرسية ومنها أولا الإكليل الذهبي مقرر مدرسي لتعليم مادة (الإنشاء التعبيري) و قد قررته مدارس الخمسينات و يقع في مائة وثمان وعشرين صفحة من الحجم المتوسط.