تخطى إلى المحتوى

عودة الخيول الشاردة .. جريدة البلاد

    الأستاذ علي العمير.. قال في حديث عابر عن ركود الحياة الأدبية وأزمة النقد عندنا..

    ألا ترون بأن حرب العاشر من رمضان قد أعاد الكثير من الخيول الشاردة إلى إسطبلاتها..!! فما هو السر في ذلك؟؟

    وهو يشير بذلك إلى ما كتبه مؤخراً الشاعر نزار قباني في إحدى المجلات العربية عن امرئ القيس ولبيد والأصمعي وحتى الشاعر أحمد شوقي والذي هاجم فيه الذين يحاولون أن يجردوا الأمه العربية من تراثها الأدبي.. بينما كان معروفاً في السابق تمرده على التراث العربي ومظاهره!!

    ونزار قباني لا أعتقد بأنه كان حصاناً شارداً ثم عاد إلى إسطبله كما تخيل الصديق العمير.. بل الحقيقة أنه عاد إلى (رشده)!

    فقد يكون قد أحس بخطأ أفكاره السابقة التي جاري فيها دعاة الرفض والتمرد على التراث العربي ولكنه بعد هزيمة الأمة العربية في حزيران لم يجرؤ أن يعترف بخطأ أفكاره أو أثاره السابقة لأنه كان منسحقاً كغيره بهذه الهزيمة وعندما أحس بانطلاقه أمته من سقوطها أو من هزيمتها بعد حرب العاشر من رمضان عاد إليه (رشده) فهجر دعوة الرفض وهاجم الذين يريدون تجريد الأمة العربية من تراثها وحتى من مقدرتها على الانتصار على عدوها!!

    فنحن نعلم بما حدث بعد هزيمه حزيران.. فقد برزت أقلام أجنبيه حاقده أو مخدوعة سيان تشكك يقدره العرب على الانتصار بدعوى تعلقهم بالماضي البائد!!

    حضارات سادت.. ثم بادت.. فقد تكون الخيول الشاردة التي عناها الصديق العمير والتي عادت إلى (إسطبلاتها) قد وعت أو أدركت خطر هذه الأقلام أو خطورة تلك الأفكار التي تحاول التقليل من القوة الروحية للأمة العربية وذلك عن طريق التشكيك في حضارتها وفي تراثها الأدبي أي ماضيها الخالد وفي عقيدتها الإسلامية وقوة تعاليمها الروحية..!!

    وقد يكون هناك توارد خواطر بين الشاعر نزار قباني والأديب المصري توفيق الحكيم الذي دعا هو الآخر بعد حرب العاشر من رمضان إلى العودة إلى معطيات الحضارة العربية وتعريف الشرق والغرب بهذه المعطيات!!

    ويقول الصديق العمير.. بأن هذه الظاهرة – أي ظاهرة عودة الخيول الشاردة إلى إسطبلاتها – قد أصبحت ملموسه عند كثير ممن كانوا يتمردون على التراث العربي فعادوا يتغنون به فما هو السر؟؟

    السر في رأيي يا صديقي هو أن الشاعر أو الفنان أو الأديب الأصيل إذا عبر عن أفكاره فإنما هو في الحقيقة يعبر عن أفكار وأحاسيس الإنسان في مجتمعه..!!

    والإنسان العربي الذي أصيب بتجربة قاسيه وهي هزيمه حزيران لابد وأنه بحث عن الأسباب التي أدت إلى سقوطه أو هزيمته.. فأكتشف أن من أهم أسبابها انسياقه خلف دعوة رفض ماضيه والتمرد عليه وحتى التنكر لتعاليمه الروحية الخالدة..!!

    إذن هناك تجربه.. وهناك خطأ. وإذا كانت التجربة والخطأ من طبيعة الإنسان فهي من طبيعة الأمم والشعوب! والعرب مروا بتجارب عديده.. وبأخطاء كثيرة!!

    تجربتهم الرائدة الأولى هي انطلاقتهم بتجرد لتأييد نبي الدعوة السماوية.. دعوة التوحيد والعدل والمساواة بين البشر.. والخلق الإنساني النبيل.. وهي تجربه معصومة من الخطأ لأنها قد ابتعدت عن الأهواء والأغراض النفسية والمطامع الشخصية..!!

    أما تجاربهم الأخرى وهي كثيرة فقد كانت مليئة بالأخطاء لابتعادهم عن التعاليم الروحية الخالدة..!!

    غير أن الأمة العربية قد مرت بتجربتين أخريين خالدتين انتصرت فيهما على أعدائها.. وهما معركة (حطين) التي هزمت فيها الصليبيين ومعركة (مرج دابغ) التي هزمت فيها جيوش المغول.!! وما كان لها أن تحقق النصر إلا بابتعادها في هاتين المعركتين رسالتها الخالدة وهي الإسلام..!!

    أما عندما تتنكر الأمة العربية لهذه العقيدة ولماضيها وتراثها بالتبعية فإنها لن تستطيع البقاء أمة حره مستقله كريمة في نفسها وعلى غيرها!