تخطى إلى المحتوى

طغيان الشعر الشعبي يوحي بالمراهقة وتخلف الذوق الأدبي العام .. جريدة الجزيرة

    يدور نقاش وجدال حامي الوطيس بين أنصار الشعر العامي و معارضيه في الفترة الأخيرة. والمؤيدين لهذا أو ذاك – فيما أعتقد وقد أكون مخطئاً – يدور نقاشهم في حلقه مفرغه يعتمدون خلط الأوراق الرابحة و الخاسرة بطريقه تحير فكر القارئ و تبعده عن إدراك الحقيقة ..!!
    فدعاة الشعر العامي يرون أن فن أصيل قديم له أوزانه,, و أغراضه .. و معطياته .. وله تأثير في نفس المتلقي سواء كان أمياً أو متعلماً .. وهذه حقيقه لا أعتقد بأنها تغيب عن ذهن معارضيه .. وهؤلاء يرون بأن الشعر العامي لا يمكن أن يكون بديلاً عن الشعر العربي الفصيح و لا يرتقي لمستواه .. وبأنه جناية على اللغة العربية .. يفسد الذوق الأدبي مثل أي دعوة أو محاولة مشبوهة لنشر اللهجات العامية لمحاربة هذه اللغة .. وقد يكون هذا القول بعض المغالاة و النظرة الحذرة المتشائمة .. ولكن الشي الذي يلفت النظر حقاً هو تسليط الأضواء على الشعر العامي في السنوات الأخيرة .. من قبل وسائل الإعلام المقروءة و المسموعة في المملكة و دول مجلس التعاون الخليجي بصورة ملفته للنظر .. على الرغم من وجوده في قلب الجزيرة العربية منذ زمن طويل ..!! هذه هي الظاهرة التي يجب أن تناقش في مناظرات .. و ندوات عامة ليتعرف الشباب على الحقيقة..!!

    حبذا لو احتضنت إحدى الجامعات في المملكة ممثله بأساتذة اللغة العربية لديها هذا الموضوع لدراسة مدى تأثير الشعر العامي على ملكة الشعر العربية. و مدى تأثير الشي باب المتعلم به. و تقليده و محاكاته ..!!

    وفي اعتقادي بأن هذه هي الفكرة التي يجب أن يدور حولها النقاش و الجدل الموضوعي !!

    و لقد دهشت أخيراً من الحملات التي وجهت للأستاذ (عبد الله بن إدريس) عندما أبدى رأيا معارضا لهذا الشعر .. ومن قبله الأستاذ الأديب (يحى المعلمي) .. ٧٦٥٤٣٤٥٦٧

    بدعوى أن الأول لا يفهم الشعر العربي على الرغم من كونه أديبا معروفا .. وابن قلب الجزيرة العربية .. وبان الثاني غير مؤهل للحكم على الشعر الشعبي لأنه لا يفهمه .. وهو أديب متمكن من علوم اللغة العربية و كاتب معروف لدي الأوساط الأدبية .. وفي ذروه الانتماء للعروبة .. !! فكيف يقال بانها لا يعرفان – أو لا يفهمان الشعر العامي..؟؟

    فالأستاذ الشاعر (عبدالله بن خميس) يتساءل في رده المنشور في يوميات (الجزيرة) على الأستاذ عبدالله بن إدريس فيما اذا كان يعرف (شيئا) عن الشعر العامي .. هكذا يجرده من المعرفة .. وهو أديب معروف فيقول: ….اذا عذرنا بعض من يشنون الحملات على الشعر الشعبي أمثال يحي المعلمي .. فلن نعذر ابن إدريس لأنه ابن البيئة .. وممن عاشوا في هذا الوسط و لا يمكن أن يجهل مثله هذه الحقيقة .. فالقارئ الواعي يستشف في رده عليه تحاملا مغلفا .. وتجهيلا لا يليق .. و التحامل سلاح ذم حدين. فهو وان كان يعتمد على براعه الكاتب و بعض الحقيقة .. إلا انه يسئ إلي سمعه الأديب لدي القارئ ..!!

    وإذا كان لغيره بعض العذر لسبب أو لأخر في حملته عليهما فان الأستاذ عبدالله بن خميس لا يعذر لمعرفته بان المعلمي و ابن إدريس لا يعارضان الشعر العامي لعدم معرفته و إدراكه .. بل لاعتقادهما بان طغيان الشعر العامي له محاذير لا يمكن أن تغيب عنه .. وبدافع له ما يبرره .. و تجاهله لهذا الدافع وهو أديب مرموق يثير الاستغراب ..!!

    فالرأي المعارض يجب أن يحترم و يناقش بموضوعيه بعيدا عن التحامل و التجهيل. و القول بان من يعارض لا يفهم ..!!

    ولقد لاحظت بان اغلب من رد علي الأستاذ المعلمي سابقا و الأستاذ ابن إدريس أخيرا ينطلقون من مفهومين احدهما حقيقه و الأخر باطل فيه شيء من المغالطة و الهروب من الواقع و القفز علي الحقائق و تجاهلها ..!!

    أما الحقيقة فهي وجود شعر عامي معروف .. وله أعلامه المبرزون فيه قديما و حديثا ..وله تأثير في نفس المتلقي .. ولكن الباطل هو تسفيه رأي معارضيه .. و محاوله تس

    ليط الأضواء علي هذا الشعر في جميع وسائل الإعلام حتي وان كان غثا هزيلا لا قيمه له تاريخيا و اجتماعيا أو فكره تراثيه ..و إنشاء الديوانيات و المنتديات للإشادة بشعراء محدثين .. وتشجيع الشباب علي تقليده و محاكاته..!!

    قد يكون الشعر العامي مجالا لدراسة أكاديمية تراثيه .. وقد يكون مجالا لبحث أدبي مقارن للتعريف بأعلامه المبرزين فيه وهو عمل لا اعتراض عليه .. إنما الشيء الذي لا يقبله العقل هو طغيانه في وسائل الإعلام .. بصوره توحي بالمراهقة .. وتخلف الذوق الأدبي العام..!!

    و السؤال الذي أريد طرحه علي الأستاذ الكبير عبدالله بن خميس لأنني اهتم برايه .. ما هو رأيك في هذا السيل الجارف من الشعر العامي و طغيانه في وسائل الإعلام ..؟؟ و هل تؤيد هذه الظاهرة ..؟؟

    فإذا كنت لا تؤيدها فلماذا تغضب إذا ابدي احد من الشعر العامي خيفه و عارضه علانيه؟ !, واعتقد بان أساتذة الأدب في الجامعات .. وكبار الأدباء مطالبون بالالتفات لهذه الظاهرة و مناقشتها .. وإبداء رأي موضوعي بعيدا عن التحامل علي المعارضين و تجاهل الحقيقة ..!!

    و الشيء الذي أريد إن يفهمه محررو صفحات الشعر الشعبي في المملكة هو إنني أتذوقه .. و افهمه واطرب لمعانيه من رواده و المجيدين فيه قديما و حديثا.. بل ولي محاولات شعريه من هذا اللون ..وان كنت لا اهتم بنشره علي وزن (يا طير ياللي.. ويا من لقلب أو الأف الفي علي المحبوب حلو التناهيد ..!! و معذره لأخي الأستاذ سعد البواردي الذي أتحفنا – ولعله كان هازلا- بمحاولات شعريه علي هذا النمط و التي لم ترق لشيخ المعلمين عثمان الصالح فانتقده نقدا حصيفا لكونه – أي شعره- ولد هجينا ليس بعامي ولا فصيح ..!!

    و من بعض محاولاتي الشعرية العامية – اذا مان المجال هزل و إبراز المقدرة و الملكة الشعرية – قصيده نطمتها منذ سنوات طويله في عاصمه الضباب .. مناسبتها كانت طريفة حيث عرفني صديق يعمل في السفارة بلندن علي مواطن سعودي قدم إليها لأول مره للعلاج .. وكان شخصا لا يمل مجلسه يتمتع بروح مرحه .. و رواية متمرسة للشعر العامي.. ويقول أحيانا أبياتا علي البديهة كلما وقع نظره علي شيء جميل هناك ..و كنت أداعبه أحيانا واذكره بما يثير شجونه بكلمات أو أبيات شعريه فأحس بان الحسرة تستبد به لعدم معرفته للغة الإنجليزية ولكني مع ذلك احس بانه شديد التعلق بوطنه و ملاعب صباه .. و يحن للعودة لوطنه .. ويقول أو يردد كلما لفت نظره لمنظر جميل :

    وحبب أوطان الرجال اليهمو

    شباب قضوه ها هنا وهنالكا ..!!

    فأردت يوما أن أداعبه و نظمت أبياتا أسمعتها إياه وهي :

    شفك يا أبو افهيد سهم سطابي

    وين النفل و الرمث نفحه الشيح ؟؟

    شفك لصافي الود غرو كعاب

    من ديره ما غذت غير المصابيح !!

    خل كثير السمت حلو التصابي

    اللي سبتك أخطاه يوم المصابيح

    ينعد ظفره ..بالرمك و الشباب

    و من عزوه للنفس هم هبه الريح

    إن غبت يحفظ غيبتك و الجناب

    و إن جبت لك طرش بكفه مذابيح

    ما هيب نبت أديار حمر العلابي

    اللي لهم عادات .. خلق منابيح !!

    الزين مظهر .. لا يغرك سراب

    و الشين ما يدريه غير المجاريح !!

    احفظ الهوي المحبوب .. بالك تنابي

    حمرا .. و عطرا مثل قوم مشافيح !!

    فرد علي بالسليقة :

    جعلك لخبص القلب وين الكعاب ؟؟

    عندي قذاه مقل عجز الفلاليح !!

    ولعل هذه الحكاية تقيني سهام الأستاذ الثميري و يرد عليها بقصيده عصماء معارضه لا تحدث خدشا .. ولا توسعني نهشا .. وله مني أطيب تحيه ..!!