الصحافة أصبحت في العصر الحاضر.. عصر السرعة تختلف عن الصحافة أيام زمان.. أصبحت صناعة لها مقاييس ومفاهيم جديدة تعتمد على السرعة والأخذ بكل فن وعلم بطرف.. فالعصر الذي نعيش فيه هو في الواقع عصر السرعة كتابة وقراءه.. وتطوير الصحافة في بلادنا مادة وإخراجاً أحسب أنه قد ساعده على وجود صحافيين وكتاب كلمات يوميه بارزين يوالون الكتابة فيها ويتعهدون بتزويدها بكلمات.. وخواطر تعالج قضايا اجتماعية تمس حياة القارئ.. ومن أبرز هؤلاء الكتاب (اليوميين) الأستاذ (راشد الحمدان) صاحب خواطر السحارة المشهورة التي نجرؤها في جريدة الجزيرة يومياً.. فنعجب بها.. ونضحك منها -لا عليها- أحياناً.. لأن قلمه في الواقع يتمتع بروح مرحه.. وأسلوب سهلاً يشد ذهن القارئ لأنه يتحدث دائماً عن قضايا ومشاكل وعيوب اجتماعية بأسلوب لكنه غير جارح.. أو يتحدث عن عادات وتقاليد جميلة كانت سائده في مجتمعات أباءنا.. فقدنا منها شيئاً كثيراً بسبب سيطرت المادة.. واقتباسنا لعادات وتقاليد هي في الواقع إفرازات لحضارة القرن العشرين.. ولكنها لا تتلاءم مع تعاليمنا الإسلامية وقد تكون مما يشكوا منها المجتمع الغربي نفسه…!!
ومن خواطره التي أثارت شجني كلمة قراءتها له في الأسبوع الفائت عن أيام (الخراف) بفتح الخاء.. وهو جني الرطب من النخل في (غرشه) أو(طاسه) تغطى بسعف النخل أو بأوراق التين..!! يجنيه الفلاح غذاء لعائلته أو يقدمه هديه.. لجاره.. أو قريبه كل يوم..!!!
تذكرت منظر هذا (الخراف) فسال لعابي وأثار في نفسي الشجون لأنني تذكرت جمال منظره.. وحلاوته وتذكرت فرحتنا الغامرة نحن الأطفال في قريتنا كلما أتي بهذا الخراف قريب أو جار إلى منزلنا.. وتذكرت التعاطف والتواصل والمشاركات الوجدانية التي كانت موجودة في نفوس أباءنا من قبل…
تذكرت (الخراف) المغطى بسعف النخل أو بورق التين وقارنته بأخلاقنا في الوقت الحاضر العارية حتى من أوراق هذا التين!!!
واليوم قرأت مقالاً في جريدة الجزيرة للأستاذ/ عبد المحسن محمد التويجري يرد فيه على كلمة سبق أن نشرها الشاعر والأديب الأستاذ (سعد البواردي)في زاويته اليومية المشهورة (السلام عليكم) يتساءل فيها عن غياب بعض الأقلام الأدبية عن مسرح العطاء الفكري وقد استغربت من قسوته في رده.. وثورته عليه..!!
فكلمة الأستاذ سعد لم أجد فيها ما يثير حفيظه أو يجرح شعوراً.. ولست معه في أن (البورادي) قد أستهلك فكره وشعوره وعاطفته ومبادئه.. بل إنني أرى أنه من أبرز الكتاب الذين لا يزالون يمدون الصحف بأفكارهم وخواطرهم.. فهو كاتب يومي.. يكتب مخلصاً لأفكاره.. وعاموده لا يخلوا دائماً من العطاء الفكري الممتاز..!!
وكما يعرف الأستاذ (التويجري) بأن الكتابة اليومية في الصحف لسنوات طويلة هي دليل على أصالة الكاتب وتمكنه من فنه.. وقوة أدائه وصدق عاطفته.. فزاويته مقرؤه ومفهومه من القارئ الواعي.. وأحسب أن تطور الصحافة في المملكة تقوم على جهد الكتاب اليومين.
ومن ينكر معطيات وأفكار هؤلاء الكتاب.. ما هو إلا مكابر فالأستاذ البورادي ومثله الأستاذ الجفري والزيدان وعزيز ضياء وعبد الله الحصين وعبد الله نوح والأستاذ حسن عبد الحي قزاز الذي يطالعنا كل صباح بكلمات هادفه في جريدة المدينة.. وغير هؤلاء من الكتاب كثيرون ولكني أتيت بأسماء خطرت لذهني…!!! هم في الحقيقة.. مع رؤساء تحرير الصحف ومحرريها –العمود الفقري الذي تقوم عليه الصحافة.. أما القول بأن كلمات (البورادي) مجرده من العطاء الفكري فهو تجن على الحقيقة.. فأرجو بأن نكون دائماً موضوعيين في حوارنا وانتقاداتنا…!!