شعره يجذب القارئ و الناقد معاً لذلك أسعى إلى إضاءة جوانب متميزه من تجربته الشعرية وهبه الله قلباً مفعماً بالرقة و العطر و عقلاً متوهجاً بعمق النظر و بعد التأمل نشأ شاباً طموحاً مهتماً بالمطالعة و البحث و الدراسة و نهل و هو طالب في مدرسة تحضير البعثات بمكة المكرمة من معين اللغة و الأدب – حتى غدا شاعراً صاحب كلمات معبره متناسقه الموسيقى هادئه الجرس صدر له مجموعه شعريه عنوانها (قصائد) في سلسلة المكتبة الصغيرة و ذلك في سنه 1393 هـ و في سنه 1414 هـ صدر له ديوان شعري عنوانه (غربة .. الروح) احتوى هذا الديوان على مقدمة للدكتور أحمد الضبيب ثم إهداء مقطوعه شعره ذات سته أبيات :
يا أجمل.. الناس.. خلقا
عندي.. وأغلى الأمهات!!
تفديك.. نفسي .. و مالي
ما عشت .. طول .. حياتي!!
حبي .. لك ليس .. حبا
أبدية .. في الصبوات !!
و إنما .. انت .. اسمي !!
و حبك .. حب .. ذاتي !!
أهديك.. ديوان شعري
والرسم.. .. من .. كلمات!!
والرسم .. بالشعر.. أغلى
هدية.. في الحياة!!
إنها إهداء لأمه الحنون التي كفلت بتربيته وتنشئته بعد وفاة والده وهو في
السادسة من عمره كما احتوى هذا الديوان على وجدانيات و وطنيات و قوميات
و تأملات فكرية إضافة إلى قصائد الغزل و قصائد رثاء و مشاركات وجدانية
مع زملاء العمل و أصدقاء الحرف أمثال السفير محمد الحمد الشبيلي – رحمه
الله و معالي الوزير الشاعر عبدالله بالخير رحمه الله و الشاعرة العراقية عاتكة
الخزرجي و الشاعر السيد علي عامر و الشاعر السوري علي دمر و قد بلغ
عدد صفحات هذا الديوان ٣٠٣ صفحات أما الديوان الثاني فظهر بعنوان «
الهروب.. من حاضر..!!» الذي احتوى على تعريف بالشاعر و مقطوعات في
تأملات فكرية و اخوانيات متناثرة مع بوح للمعرفة و تحيات لصروح العلم في
عدد صفحات هذا الديوان «٢٩١» صفحة ومن تأملات الشاعر مقبل عبدالعزيز
العيسى المولود في مدينة عنيزة سنة ١٣٤٧ هـ قصيدة « لم لا أغني..»ص
٢٣٩ من ديوانه «غربة الروح»
رغم المذاق المر.. من كاسي.. وإرهاق الحياة!!
فانا أغنى للهوى .. رغم الأسى و شجا لهاتي !!
أشدو و أن عصفت رياح الحادثات بأمنياتي !!
كالطير … إن فقد الأليف .. شدا بأحلى الأغنيات !!
لما لا اغني للحياة..؟ .. و الثم … منها اليدا؟ !!
وأعيش دوما هازئا بالحادثات و بالردي؟ !
لما لا اغني في ظلال الليل.. شوقا للصباح؟ !
وأضيء شمع في الليالي فالسنا منه.. ارتياحي!!
وأعانق الأقدار في صدري وان نزفت جراحي !!
فالقلب يشتاق الضياء.. ويحتوي عصف الرياح !!
ولا تفارق قلب شاعرنا العيسى – دولة فلسطين المغتصبة.. إنها في
وجدانه و مشاعره – دوما.. القدس تصرخ في أذنه وإذن قومه لأن
أبناء صهيون داسوا حرمته ودنسو رحابه كما أنهم تحلقوا حول حرم الخليل.
رقصاً و جعلوا الغواية في ساحته و الفساد شعاراً
يا فلسطين.. إنما أنت جرح
ومصاب.. على النفوس..اليم
كل جرح.. له شفاء.. ولكن
جرحك.. اليوم غائر .. وجسيم
لا تراعي.. مما دهاك.. فان الحق
باق.. و الجرح فيك قديم!!
لا تلومي.. فالقلب دوما لمأساة
بنيك.. معذب..و كليم
ما استعاد.. الحقوق يوما ضعيف!!
أو تصدى.. لكسب حق هشيم
كيف يحمي الحقوق.. يوما ضعيف؟!
أو يخيف العدو .. وهو أثيم؟!
إلى أن يقول لفلسطين:
لا تقولي.. أين الطريق ففي
الأفق.. ضياء ونفحه ونسيم
شرف الحرف.. لن يموت وفي
العرق دماء و في الربوع كريم !!
لن تضيع .. الحقوق مهما .. تلهي
بقضاياك تاجر .. ولئيم!!
منذ أن حصل شاعرنا العيسى على شهادة ليسانس الحقوق من جامعة
الإسكندرية التحق بوزارة الخارجية السعودية الأمر الذي جعله أحد موظفي
السلك العربي السعودي و بالتالي أتيح له العمل داخل ممثليات المملكة في
عدد من عواصم الدول العربية والأوروبية والأفريقية مثل بيروت وسويسرا
وغينيا والكويت و تركيا و أثناء عمله الدبلوماسي حضر دورات عدة لهيئة الأمم
المتحدة واليونسكو و جامعة الدول العربية ولم ينس- وهوفي دوامة العمل
الدبلوماسي هوايته إذ نشر شعره ومقالاته في مجال النقد الأدبي في أنهار
الصحف المحلية والمجلات العربية و بطبيعة الحال كان الشاعر يحس و هو
خارج المملكة بالغربة عن الوطن.. غربة أشعلت عواطفه تجاه وطنه وحركت
حنينه إلى بلاده فهذه قصيدة عنوانها «حنين إلى.. نجد».
غرامي و الهوى لربوع.. نجد
و هل يحلو الثرى .. في غير نجد
و شوقي .. للصبا فيها.. وليل
يجود بنفحه .. و هزيم رعد!!
ربوع .. كان لي فيها ملاب
لدى شيح و قيصوم.. ورندا!
لدى زهرا لاقاح.. و قد توشت
به الكثبان.. في سفح و وهد!!
فأطياف الربيع .. الطلق فيها
يزيد صبابتي .. ويطيل وجدي!!
فأين عرارها مني شميما
كأنفاس .. الربيع المستجد..؟!
وأين غديرها.. يبقى شهورا
لرى منيحة و عناق دعد.؟!
إلى آخر هذه القصيدة التي تحكى جمال صحراء السعودية و بهاءها و عندما
يكون الشاعر ألدبلوماسي داخل المملكة و بالذات في مدينته جدة يحرص على
حضور الصالون الأدبي « الإثنينية» إذ شارك الأستاذ عبد المقصود خوجة في
حفلة تكريم معالي الأستاذ المرحوم عبدالله عمر بالخير فألقى قصيدة عنوانها
المجد للشعر » نذكر بعض أبياتها :
أيا مبدع الشعر.. أفاقا مجنحة
تحكي الصبابات .. أعمال رواد
فالشعر منك.. جميل في أصالته
يتيه دوما بأذيال وأبراد
آمنت بالشعر إلهاما وموهبة
يحكي صبابات مشتاق لأمجاد
فالمجد للشعر مجدولا بقافية
نقر العصافير لأكباد!!
و أجمل الشعر .. ما يوحى بعاطفة
و نبض فكر .. ينادينا لإرشاد!!
يا مبدع الشعر.. إعجاز أو نمنمة
تهدي الحيارى.. إلى أبعاد أبعاد
كل التباريح قد تشفى بعافية
إلا تباريح.. محكوم بأصفاد
كما أن الشاعر ترنم بابيات رائعة في حفلة تكريم الأستاذ المرحوم
عبد المجيد شبكشي رئيس تحرير جريدة البلاد في منتدى الخوجة و هذه
الأبيات هي:
عبد المجيد هواه من هوى الصيد
يهوي الجمال وأخلاق الأجاويد
الطيب ملء يديه كالشذى خلفا
سليل مجد و يهدي كل تمجيد
القلب اخضر حتى في كهولته
ما شب إلا على شدو و تغريد
وتدرج شاعرنا في السلك الدبلوماسي حتى اصبح وزيرا مفوضا و قبل
إحالته للتقاعد نال من حكومة السودان وسام النيلين من الدرجة الثانية توفي
هذا الشاعر في عام ١٤٢٦هـ.