تخطى إلى المحتوى

حديث الأربعاء .. محمد عمر العامودي .. جريدة المدينة

    غيب الموت الشاعر مقبل عبد العزيز العيسى و كان المرض قد أقعده في منزله قبل سنوات من وفاته هجر خلالها الشعر و توقف عن كتابة رسائله الطريفة التي كان يبعثها لأصدقائه من الكتاب تعليقا على مقال أو استحسانا بطرفه قالها أحدهم في مجلس عام.
    عزله المرض عن المجتمع و الناس لكنه و هو عاجز يتوكأ على عصا لم يغب عن عزاء أو عيادة مريض, وحين يشتد به الشوق لمحبين كان يحمل على نفسه بزياره عابره لمجالس يأنس إليها مثل – مع حفظ الألقاب – مجلس محمد المرشد الزغيبي و عبد الرحمن بن الشيخ و لقاء الخميس في منزلي.

    كأن الناس أخذوا بالقاعدة من تُرك. فكان يفتقد أقربهم خلال قعوده في البيت. حتى الشعر و الصحافة و الكتاب نسوه كأنه لم يكن بيننا شاعراً حتى وفاته أعلنت عنها أسرته بإعلان مدفوع القيمة, كأنها بهذا الإعلان تدعو من لم يتذكره من أصدقائه في مرضه أن يأتي ليواسيهم في غيابه.

    ولكن العتب كل العتب على الصحافة التي عودتنا باهتماماتها البالغة و أحزانها الحارة بفقد فنان يموت في شيلي أو راقصه تهلك في المكسيك أو لاعب كره يقضي في البرازيل.

    مات الشاعر الرقيق مقبل العيسى و في مكتبتي له ديوان واحد, ولا أظن أنه يضم شعره كله. وقد جاءني به يوم صدوره مهدداً و متوعداً باستعادته إذا لم أكتب عنه شيئاً مفيداً. لم يكن يريد كتابات مثل صدر لفلان ديوان شعر أو شيء من هذا لم يكن يريد تقريظاً أو تجميلاً, فكتبت أدعو نقاد الشعر إلى تناول هذه الشاعرية المتميزة و يبدو أن دعوتي جاءت متزامنة مع بداية سقوط عهد دولة الشعر, وبعد أن أصبح الشعر ليس ديوان العرب أو هكذا يقال.