تخطى إلى المحتوى

هم يقولون .. ونحن نقول فتش عن إسرائيل

    وهدأت الضجة الإعلامية .. بعد اكتشاف فضيحة تزويد الولايات المتحدة لإيران بالأسلحة .. ولم يبق غير حقيقة واحدة .. وهي عدم مصداقية الإدارة الأمريكية فيما تدعيه علنا ..!!

    ومما لا شك فيه أن الولايات المتحدة بعد أن تخلت عن عزلتها في الحرب العالمية الثانية. قد تخلت أيضاً عن المبادئ التي كانت تتمسك بها آبان نضال شعبها من أجل الحرية والاستقلال ..!!

    فتمثال الحرية وما يرمز إليه .. ومبدأ الرئيس ولسون الذي هتفت له الشعوب المستعمرة .. كل ذلك قد أصبح من المثاليات (الطوبائية).. لدى الإدارة الأمريكية .. لأنها تمثل حالياً مصالح شركات عالمية كبيرة .. لا تقيم وزناً للمثاليات والمبادئ ..!!

    وفكرة (البراجماتية) التي عرفت عن أحد المفكرين السياسيين في أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية .. والتي لا تهتم أو تنظر إلا للمردود (المادي) للعمل الإداري والسياسي .. مستمدة من أفكار

    (تلمودية) غير معروفة في فكر الرواد المسيحيين الذين هاجروا إلى الدنيا الجديدة هروباً من طغيان الفكر الاستعماري في الغرب !!

    ويقولون بأن (مصداقية) الولايات المتحدة قد اهتزت لدى الدول الغربية وهو استنتاج غير واقعي .. لأن اغلب الدول الغربية كانت تعلم بإمداد الولايات المتحدة لإيران بالأسلحة منذ سنوات مباشرة .. أو غير مباشرة عن طريق ربيبتها إسرائيل .. ولم تحرك هذه الدول ساكناً، لأن هذه العملية لا تمس أمنها .. ولا تتعارض مع مصالحها الاقتصادية .. ولأن المتضرر منها دول محسوبة من العالم الثالث ..!!

    ومن يعتقد بأن الحكومات الغربية تستنكر في الواقع هذه العملية .. لا يعرف أو لا يريد أن يعرف التفكير السياسي في الغرب .. فهو تفكير ينطلق من مفهوم (ميليكافيلي) .. أي مبدأ الغاية تبرر الوسيلة .. وهو مبدأ نادي به مفكر سياسي غربي .. وهو بالمناسبة يهودي .. لتبرير السيادة العنصرية .. وتأييد الاستعمار الغربي ولو بقوة السلاح ..!!

    ومقولة ما يصح لنا .. لا يصح لغيرنا.. وفكرة السيادة العرقية .. ونظرية التجربة والخطأ .. كل ذلك مستمد من تعاليم (تلمودية) لا تؤمن إلا بالمادة. وغير معروفة أصلاً في الدين المسيحي الحقيقي .. حتى الالتزامات والمواثيق الدولية المعروفة في القانون الدولي لا تلتزم بها الدول الغربية إذا تعارضت مع المصالح المادية التي تتطلع إليها ..!!

    ويقولون بأن الرئيس ريجان قد تأثر مركزه بسبب هذه الفضيحة وقد يستقيل .. أو يجبر على الاستقالة كما حصل للرئيس نیکسون من قبل .. وهو استنتاج خاطئ أيضاً .. لاختلاف الطرف المتضرر من العملية .. ولاختلاف الدافع للقيام بها ..!! وقد غاب عن كثير من المحللين السياسيين أن الهدف منها قد يكون امتصاص أو استهلاك الأرصدة الإيرانية المجمدة في البنوك الأمريكية بعد احتلال السفارة في طهران أثر سقوط الشاه .. وقد يكون الهدف منها إطالة أمد الحرب ليكون تسويق السلاح الغربي .. غير إن المثير للتساؤل هو إعلان هذه الفضيحة أو توقيت إعلانها من قبل الصهيونية العالمية ..!! وأعتقد بأنها (طبخه) سياسية لا تتحقق إلا بالكشف عن هذه العملية .. فالذكاء اليهودي معروف بطبخ اللعبة السياسية وتدبير المؤامرات للعدو .. والصديق أيضاً إذا أصبح حصاناً خاسراً .. ولم يتحقق .. أو لا ينتظر أن يتحقق منه مطالب اللوبي الصهيوني في الإدارة الأمريكية .. كما حصل لعائلة کندی وللرئيس نيكسون .. ولمن يعارض مطالب إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط ..!! كما يعتقد البعض بأن الهدف قد يكون الوصول لاستقالة أو إقالة الرئيس ريجان ليتولى نائبه جورج بوش الحكم للمدة الرئاسية الباقية .. كما حصل لجونسون وذلك بالاتفاق سراً مع الفعاليات الصهيونية في أمريكا .. ليكون صاحب النفوذ في الإدارة جورج شولتز كما كان صاحب النفوذ في إدارة كارتر هنري كیسنجر ..!!

    وقد تحدثت الصحف الأمريكية سابقاً عن انسجامهما في الأفكار .. وعن صداقتهما أيضاً ..!!

    كما يعتقد البعض بأن نشر هذه الفضيحة من قبل الدوائر الصهيونية ليس سببه عدم الإيمان بجدوى تزويد إيران بالسلاح .. لأن إسرائيل كانت عراف هذه العملية .. كما أتضح مؤخراً ولكنها (طبخه) سياسية صهيونية للإساءة بسمعة الحزب الجمهوري .. حتى يفوز منافسه الديمقراطي في الانتخابات القادمة .. وهو الحزب المعروف – تقليدياً – بتأييد دولة إسرائيل ..!! وهو إفتراض قد يكون صحيحاً لأن اليهود هناك لا يريدون سيطرة حزب واحد على الحكم لمدة طويلة. لكي يظل الرؤساء في الولايات المتحدة خاضعين لنفوذهم في الإدارية الأمريكية .. خصوصية إذا أحسوا بتململ الرؤساء من سيطرتهم على الإدارية ولأن أبرز أعضاء الحزب الديموقراطي في الكونجرس يطالبون .. أو يعارضون تزويد الأردن بالسلاح ..!!

    فالسياسة الصهيونية هناك تضع دائماً في (الجزرة) في العصا كما يقولون – أمام الحصان ليركض خلفها .. أي خلف الإغراءات المادية والمعنوية لليهود ..!! لأن (شيلوك) يعرف من أین تؤكل الكتف ..!!

    ونحن نعتقد بأن إثارة هذه الفضيحة من قبل اليهود .. قد يكون الهدف منه خلق الجفاء والتوتر السياسي بين الدول العربية المعتدلة والولايات المتحدة .. حتى يخلو لإسرائيل الميدان هناك بدون منافس ..!! وهذا بلا شك تفكير أو تدبير سياسي ذكي يغيب دائماً عن إدراك التفكير (الراديكالي العربي) إن صح التعبير .. الذي كان سائداً ولا يزال في العالم العربي منذ مجيء جمال عبد الناصر للحكم في مصر .. ووجود النفوذ السوفييتي في المنطقة العربية. وقد أثبتت الحوادث و التجارب بأن المستفيد من العداء العربي للولايات المتحدة هو إسرائيل ..!! فالعرب كما يقول بعض المخلصين للقضية العربية لا يدركون التخطيط السياسي الصهيوني إلا بعد فوات الفرصة أو فوات الوقت ..!!

    وسيان صح هذا الاستنتاج أو ذاك فإننا نعتقد بأن العرب لن يتحقق لهم تأثير على الإدارة الأمريكية بالذات .. إلا بإدراك هذه التخطيطات وإفشالها .. والتي تعتمد دائماً على حجة وجود النفوذ السوفيتي في المنطقة .. و كذلك العداء المفتعل من وقت لآخر بسبب ممارسات إرهابية .. أو إطلاق شعارات جوفاء معادية للغرب ..!!