عندما ارتفعت درجة حرارة النقاش أو الحوار منذ عامين بين أستاذنا الجليل الأديب (عبد الله بن خميس) .. والأديب الفريق (يحى المعلمي) حول الشعر الشعبي. أذكر بأنني عقبت عليهما بكلمه أوضحت فيها بأن الصديق المعلمي لا يعارض هذا الشعر لأنه لا يفهمه .. أو لا يدرك معطياته الجميلة .. وارتباطه العميق وتجذره في وجدان إنسان الجزيرة العربية.. ولكنه يعارضه مثل غيره انتصارا للشعر العربي الفصيح .. وخشية من ديمومة محاكاته وتقليده من قبل المتلقي !!..فلا أحد ينكر إبداع رواد الشعر النبطي أو الشعبي ..وإبداع المجيدين له حالياً..ولكن الذي يستنكره هو اهتمام الصحافة بنشر ما يصلها منه .. حتى وإن كانت محاكاة ساذجة ومبتدئه!!.
وقلت بأن الأستاذ (يحى المعلمي) من الأشخاص القلائل الذين تعمقوا بدراسة اللغة العربية وآدابها ..وتمكنه من علم العروض الشعري.. وفقه اللغة ومعرفته لاختلاف اللهجات بين القبائل العربية في العصور القديمة حقيقة وليس ادعاء!!. أوحي لي بما ذكرت ..محاولة الصديق (المعلمي) مؤخراً في مجلة (اليمامة) وفي عددها (993) .. إعادة صياغة قصيدة (نبطيه) مشهوره للشاعر العربي المعروف (محمد العوني) الذي عاش في النصف الأول من القرن الهجري الماضي تسمى (الخلوج) وهي من أبرز قصائده أعاد صياغتها بلغه سليمه ووزن تفعيلي مستقيم..!!
ولا شك بأن المحاولة تبرز تمكنه من علم العروض الشعري .. ومعرفته لمعاني المفردات اللغوية العامية في هذه القصيدة.. ولكني أعتقد – وهذا مجرد رأي-بأن محاولته هذه لا تتفق مع طبيعة (الشعر النبطي) لأنها تسلبه أو تفقده أصالته الموروثة وتأثيره في نفس المتلقي !!.
ويبدوا لي بأن الصديق (المعلمي) ربما أثرى الحياة الأدبية (تراثياً).. وهو قادر على ذلك إذا أجرى دراسة مقارنة (للشعر العامي) المأثور في مختلف مناطق المملكة ..فقد لاحظت بأن هناك اختلافا واضحاً في الوزن والمفردات اللغوية العامية بين الشعر العامي المأثور في عسير والمخلاف السليماني مثلاً .. والشعر العامي المأثور في نجد وشمال المملكة.. كما أن هناك اختلافا فيما ذكرت بين شعر شعبي في بلد عربي وآخر!!.
هذه الدراسة المقارنة ربما تكون مفيدة تراثياً ..وهو عليها قادر بلا شك.