المحاضرة التي ألقاها الدكتور بكر باقادر في نادي جدة الأدبي ..وتحدث فيها عن الإبداع .. والابتكار الأدبي في ضوء علم الاجتماع لم تسنح لي الفرصة لحضورها .. ولكني تابعت ما نشر عنها في الصحف.. وفر رأيي بأنها من أحسن ما ألقي في النادي حول الإبداع الأدبي و معطياته وإشكالاته .. وتعليقي على هذه المحاضرة ينحصر في إشكالين:
أولاً: أن مفهوم الإبداع الأدبي .. غير مفهوم الابتكار العلمي .. فالأول تجريدي ..أما الثاني فهو تجريبي.. ولذلك تختلف نتيجة كل منهما.. أو المردود الاجتماعي منهما.. والشذوذ العقلي يصاحب دائماً الإبداع التجريدي..كما هو واقع حالياً في الحداثة الفكرية والأدبية..أما الابتكار العلمي فهو عقلاني يتفق مع طبيعة الأشياء وناموس الحياة!!
ثانياً: أرى أو يخيل لي بأن الشباب المثقف..أو الخيول النافرة..في ميدان الفكر والأدب قد بدأ يدرك خطر التحمس لهذه المذاهب ..لأنها وإن كانت توحي بوعي معرفي ..إلا أنها ليست الطريق السوي لخلق إبداعي متجذر أصيل.. ولن تؤدي إلى ابتكار علمي تجريبي يفيد إنسان الجزيرة العربية في مواجهة التحديات المعاصرة!!
وشواهد التاريخ أكبر دليل على أن انغماس العقل الإنساني بالفلسفة المجردة هو من أسباب انهيار الحضارات البشرية فالإغريق و الرومان والمسلمون لم تضعف شوكتهم و تنهر حضارتهم إلا عندما اهتموا بهذه المعرفة و تخلو عن المنهج العلمي التجريبي الذي أول من استلهمه العلماء المسلمون .. ولكن أسلافهم قد تخلو عنه لأسباب يطول شرحها!!
(وردجر بايكون) المفكر الإنجليزي الذي يعتبره المؤرخون أبا العلم التجريبي في الغرب لأنه دعا إلى التخلي عن السفسطة الفكرية ..والمناقشات اللاهوتية والاتجاه للمنهج العلمي ..لا شك بأنه قد تأثر بمؤلفات العلماء و المسلمين في الأندلس.