يبدوا التقليد واضحا في حياة الإنسان عندما يقوم الطفل بمحاكاة والديه أو من يقوم برعايته. وفي مرحلة الشباب يميل لتقليد ومحاكاة إقرانه .. ولكن هل طبيعة التقليد تصاحب الإنسان في مختلف أطوار حياته…؟
ليس من شك في أن ظاهرة التقليد طبيعة في الإنسان. ولو لم يوجد هذا الميل الطبيعي لديه لمحاكاة غيره. ما كان هناك تأثير .. وتأثر في الأفكار والمذاهب .. والسلوك الإجتماعي. غير أن هذا الميل قد يكون طبيعيا في مرحلة الطفولة ..إنما في مرحلة النضوج العقلي .. فإنه يدل على ضعف الشخصية .. وعدم تحكيم العقل والعاطفة أيضاً..
فعلى سبيل المثال .. البذخ في حفلات الزواج .. وإستقدام الخدم.. والرحلات السنوية للخارج .. كل ذلك تقليد أو محاكاة لم نحكم العقل في مدى فائدته .. أو تقييم تأثيره في حياتنا الإجتماعية قبل أن نمارسه..!!
كما أن تقليد الأفراد لعادات وتقاليد سائده في مجتمعات أخرى .. أو التأثر بأفكار وثقافة غيريه .. لا تتفق مع عادات وتقاليد المجتمع الذي يعيش فيه هؤلاء الأفراد.. ولا تتلاءم تلك الثقافة مع الفكر السائد في المجتمع الذي يعيشون فيه .. كل ذلك يدل على مركب نقص نفسي..! ويتفق علماء النفس والإجتماع على أن هذه الظاهرة إذا تفشت في شعب من الشعوب تكون بداية لإنهيار الروح المعنوية لهذا الشعب .. وإفلاس ثقافته.. أو معطيات حضارته..!!
هذه الحقيقة التي يقول بها علماء النفس والإجتماع نظرية إجتماعية تاريخية لا جدال فيها .. كما أن نظرية التحدي والإستجابة لهذا التحدي ..هي أيضا نظرية تاريخية في حياة الشعوب.. وهي النقيض لمركب النقص الدوني الذي تحدثت عنه ..!
والعالم العربي في الوقت الحاضر لا شك أنه يواجه هاتين النظريتين .. ويخطئ من يظن بأن الإستجابة للتحدي تعني الإنسلاخ من الجذور الفكرية للعقيدة. واعتناق مذاهب ومناهج فكرية فلسفيه مادية تبعده عن تراثه الإنساني .. ومن يقول بذلك هو مخدوع أو مخادع.. إنما الإستجابة للتحدي الذي يواجه الأمة العربية والإسلامية .. تكون باكتساب المعرفة أو الثقافة العلمية التجريبية .. أي العلوم التطبيقية الحديثة التي تمكن الأمة العربية والإسلامية من الوقوف في وجه التحدي العلمي الموجود في الغرب..!!
أيها الشباب في بلادي .. إحذروا المخادعين الداعين لتطبيق مناهج فكرية فلسفيه.. وإعلموا أن هذه الدعوة مشبوهة.. لأنها المسؤولة تاريخيا عن تدهور الحضارة العربية.. وستكون المسؤولة أيضا عن تدهور حضارة الغرب في المستقبل..!!