قد يصف البعض الحل الذي أراه لمشكلة لبنان بالهذيان هذيان محموم أو مجنون سيان !! علماً بأن العقلاء يقولون دائماً خذوا الحكمة من أفواه المجانين !!
والذي أريد أن أبديه اقتراح لعل فيه الحل لمشكلة مستعصية يعاني منها هذا البلد الجميل الذي عشت فيه سنوات قليلة في مطلع الستينات عندما كان مصيفاً جميلاً يبتسم في وجه السائح يأتيه ليستجم في سفوحه الخضراء أو يستجم في شواطئه الدافئة عندما كان يحلو بشموخ جباله ونفح زهر وديانه وجمال الطبيعة فيه !! وعندما كان يزهو بحضور ثقافته ونبوغ أبنائه في التجارة والاقتصاد !!
هذا البلد الذي يقول فيه إيليا أبو ماضي الشاعر المهجري عندما عاد إليه بعد غربة طويلة :
وطن النجوم أنا هنا حدق أتذكر من أنا
أنا من مياهك قطرة فاضت جداول من سنا
عاش الجمال مشردا في الأرض ينشد مسكنا
حتى انكشفت له فالــ ــقي رحله وتوطنا
والذي قلت فيه حينذاك وقد كانت هناك نغمة شاذه تدعو لانعزاله وفينقته أعيذ مجدك يا لبنان من فئة بثت فيك سموم الحقد والريب !! تبدى إليك الهوى زيفاً وفي يدها ما تكره النفس من حمالة الحطب !!
من قال إن ثرى لبنان من قدم
دعوى عروبته ضرب من الكذب
بنو أمية من أغنى كتائبهم
ومن تنادي لصد الروم عن حلب
هم الموالين للفصحى غساسنة
أحفاد مجد نمتهم أمة العرب !!
مازال في ثغرنا شهد وفي يدنا
عطر لمغترب منهم ومقترب !!
هذا البلد الجميل قدر له أن يمر في تلك الفترة فترة الستينات بأجمل سنين مرت عليه في حياته وأن ينعم بتعايش سلمي بين طوائفه وأن يكون بلداً حراً منفتحاً على جميع بلدان العالم بخدماته السياحية واستثماراته وأن تنصب في بنوكه أغلب الثروات العربية حينذاك !! حسدته عليها بنوك الغرب و غارت منه دولة الإثم إسرائيل لأنه كان يمثل النموذج الأمثل للحضارة والديمقراطية السياسية في منطقة الشرق الأوسط !! بسبب التعايش السلمي بين مختلف الطوائف فيه !!
فكيف تصنع العين الحاسدة والحاقدة ليكون أمثولة للخراب والدمار؟؟ هو بلد يعيش فيه مسيحيون والكنيسة في الغرب وبعض الدول هناك لا ترضى بتخريب إنجازاته لارتباطه الوثيق بها سياسياً وثقافياً !! ودست إسرائيل إمكانية تخريبه مسحته نفسياً واجتماعيا فوجدت أن المشكلة هي في كونه بلداً مسالماً فهيأت له الظروف التي لا تجعله مسالماً في نظرها ونظر الآخرين !! استغلت تكوينه الاجتماعي والطائفي ونزعة الانعزال تلك, فزرعت الفتنه بين طوائفه ليتحقق لها ما تريد !!
حرضت على قتل السني بالهوية فزرعت الحقد عنده ضد المسيحية واغتالت الدرزي بيد خفية وقالت بأنها بيد مسيحية وحدث قتل ونسف وتقويض وقنص والفاعل مجهول ..!! وهكذا دواليك ثم اجتاحته بالاتفاق وتطرف الهانشاق والطانشاق فتحقق لها ولمن حسدوه على ازدهاره تخريبه فأصبح بلداً تسكنه الأشباح !!
فيا لبنان الجميل ..!! هل أدرك بنوك ومن يعملون فيك هذا التخطيط الرهيب ؟؟ لماذا ينساق هؤلاء خلف هذا الصراع الدموي في لبنان الجمال ؟؟ وماهي النتيجة من ذلك وما هو الفرق بين أن يكون رئيس الجمهورية من هذه الطائفة أو تلك إذا كان في هذا استقرار وأمن وازدهار ؟؟
و فلو كنت مارونياً لقلت للإسرائيلي حل عنا خيو والدنی هيك ما بتسوي !!
ولو كنت درزياً لقلت .. مابقاش بدها قوموا تانهنی !!
ولو كنت ستباً لتنازلت عن رئاسة الحكومة لمواطن عربي مثلي مسلم من مواطني الجنوب أسعدى أو حسيني إلى حين فهم مني فيني !!
لماذا هذه الحزازات التي تريح قلب العدو ويكتوى الصديق منها بضيق ؟؟
وهذه مشكلة بلا شك ولكن لماذا لا تحل هذه المشكلة بفتوى شرعية مجتهدة من قبل جهة شرعية موثوقة لرفع الحرج؟ أو تعالج بطريقة رسمية باعتماد حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله نظام إصدار السندات أو الأذونات المسحوبة على خزينة الدولة مقابل ربح سنوي كما تفعل أغلب الدول ؟؟ وليس في هذا ما يتعارض مع الشرع الحنيف لأن من يصدر هذه السندات سلطة شرعية وليس مؤسسات خاصة يحتمل أن يكون في عملها شبهة استغلال المحتاج أو الضعيف وهو الحكمة في تحريم الربا أو قصد الشرع الإسلامي من تحريم الفائدة !!
ومن المناسب أيضاً وضع أو إيداع الأموال المتحققة من بيع هذه السندات لمصلحة بنوك تسليف حكومية تحت إشراف مؤسسة النقد على أن يكون لها ذمة مالية مستقلة أي تكون شبيهة بصندوق المعاشات التقاعدية أو مؤسسة التأمينات الاجتماعية لتقوم هذه البنوك بتمويل المشروعات الصناعية والزراعية في المملكة بضمانات وبمقابل فائدة قد تغطي جزءاً من أرباح السندات وبهذه الخطوة سيتحقق تدوير رؤوس الأموال الوطنية لتنفيذ مشاريع صناعية وزراعية في المملكة !!
كما أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى استغناء الحكومة عن دفع القروض لتلك المشاريع في المستقبل !!
وإصدار تلك السندات بربح ولمدة محددة قد يكون له تأثير للحد من تدفق الأموال الوطنية في بنوك خارجية لا يستفيد منها غير الاقتصاد الأجنبي !!
قد يقال بأن هذه الخطوة ستكون على حساب مصلحة البنوك القائمة في المملكة وهو رأي يبدو لأول وهلة وجيهاً من الناحية النظرية ولكنه غير واقع لأن البنوك الوطنية نفسها تستطيع توظيف ما تريد من الأموال لديها في تلك السندات وتحقيق الربح الذي تحققه من توظيف تلك الأموال كما أن عمليات تمويل التجارة الداخلية ستبقى في يدها وقد تتجه مستقبلاً إلى تمويل المشروعات الحكومية مقابل ربح سواء كانت هذه المشاريع في المملكة أو دول مجلس التعاون والدول العربية أيضاً إن فتح الله عليها !!
هذه دعوة لحكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله لعل فيها الحل لمشكلة سببت كثيراً من الاتجاهات الاستثمارية الخاطئة سواء كانت في المضاربات التي أشرت إليها آنفا أو في خروج رؤوس الأموال الوطنية للبنوك الأجنبية، سعياً وراء الربح الذي ثبت بمرور الأيام والتجارب أنه يذوب في نزول قيمة العملات الأجنبية أحياناً أو تخفيض أسعارها نتيجة لسياسة اقتصاديا تضطر إليها تلك الدولة !
ومعالي وزير المالية والاقتصاد الوطني لا شك بأنه يعرف هذه الحقيقة ويدرك مبلغ الضرر الذي وقع من تلك المضاربات وما أقترحه وسيلة شرعية وخطوة وطنية يستدعيها الواجب وليس فيها ما يوحي بالأنانية وعدم التعاون الاقتصاد العالمي بين الدول وله تحياتي !!