نجاح القطاع الصناعي والزراعي الخاص في المملكة والذي تعلن عنه الصحف حالياً لا شك أنه يفرح المواطن كما أن الدولة يسعدها نجاح تجربة فريدة طبقتها من أجل تنمية الاقتصاد الوطني، وهي تقديم القروض السخية والتسهيلات المادية الكثيرة لهذا القطاع !!
وهذه ميزة ينبغي أن نعترف بفضلها, وقد ثبت مما تنشره الصحف، أن القطاع الصناعي (الفردي) والشركات البتروكيماوية المساهمة, بفضل هذه القروض والتسهيلات, قد نجحت في الإنتاج والتسويق والتصدير للخارج, وحققت أرباحاً مجزية !!
غير أن بعض الشركات المساهمة والبنوك، وأقول البعض – وليس الكل – قد منیت بخسائر غير متوقعة، وأصبحت تتفادى هذه الخسائر بقرارات تصدرها الجمعية العمومية بحجة أو بأخرى، تضر بمصلحة المساهمين والسبب في ذلك, هو سوء تصرف إدارة هذه البنوك والشركات لغياب الرقابة عليها !!
وقد وجهت إليها في الصحف انتقادات، غير أن ذلك لن يغير من الواقع شيئاً, إذا لم يكن هناك إشراف ورقابة صارمة من قبل الدولة على إدارة هذه المؤسسات في المستقبل!!
فما دام أن الدولة تمنحها قروضاً وتسهيلات مادية وائتمانية فإن مراقبة الإدارة ليس فيه أدنی مساس بقاعدة الحرية الاقتصادية التي تعتمدها المملكة في سياستها الاقتصادية !!
أعود فأقول، بأن من أخطر الأضرار التي تلحق بالشركات والبنوك المساهمة، هو عدم وجود رقابة عليها. نظراً لأن رأس مالها لمساهمين ومودعين, لا يتوفر لهم إشراف حقيقي على الإدارة، وقد تستهين الإدارة برأس المال وتسيء التصرف الإداري والتجاري !!
ومن المعلوم اقتصاديا، أن الأوعية الاستثمارية لرأس المال الوطني هي الشركات المساهمة في أي مجال أو نشاط كان, و البنوك المساهمة, وأي انتكاس لهذه الأوعية (من سوء التصرف الإداري) سيؤدي إلى هروب رأس المال الوطني إلى شركات وبنوك أجنبية خارج الحدود، تؤمن له الربح الذي يتطلع إليه، وفي هذه الحالة، لا يؤدي دوره في تنمية المشاريع الصناعية الفردية في المملكة، وبذلك يفقد الوطن أوعية استثمارية قدمت لها الدولة الفروض السخية والتسهيلات المادية الكثيرة.
وقد يؤدي فشل الشركات والبنوك المساهمة في بلادنا إلى لجوء رأس المال الأهلي إلى وسائل استثمارية أخرى (بدائية), كالمضاربة في الأراضي, وتشييد العمارات السكنية التي تفيض عن الحاجة في أي منطقة، وتجميده في وسائل استثمارية بدائية, لا يؤدي إلى نمو الاقتصاد الوطني, وهو خطأ اقتصادي فادح, فهل تستجيب الجهات المعنية إلى حماية هذه الشركات والبنوك ؟