تخطى إلى المحتوى

التغريب الفكري ومحاذيره

    في عدد سابق من جريدة (الرياض) تحدث الأستاذ (مسلم بن عبد الله المسلم) عن التغريب الفكري المعاصر.. وقال بأن النماذج التي تنقل الفكر الغربي الممسوخ للعالم العربي تحاول أن تزرع في وهمنا أن تفوق الغرب يرتكز على تحرره من الدين.. وأن تخلفنا ناتج عن تمسكنا بالعقيدة الإسلامية.. وأن تلك النماذج تتغنى دائماً بالحريات التي تعيشها الشعوب الغربية.. كالحرية الفكرية.. والحرية الشخصية.. علماً بأن تلك الحريات هي التي أدت إلى الانحلال الخلقي في الغرب.. وأشار إلى شواهد ومقارنات تثبت هذه الحقيقة..!!

    وعندما أعقب على حديث هذا الكاتب لا كريم لا يظن القارئ بأنني أعتبر نفسي واعظاً دينياً.. كما لا يظن بأنني منغلق ثقافياً فقد عشت عدة سنوات في الغرب لمست فيها عيوب سلوكه الاجتماعي وزيف حرياته حقاً.. كما لمست محاسن أنظمته وتفوقه العلمي.. لذلك فإنني أعتقد بأن اقتباس (العلوم التجريبية) من الغرب شيء واقتباس الفكر منه شيء آخر !!.. لأنني مؤمناً بأن الفكر الذي ينبغي أن تبني عليه حضارة الأمة العربية والإسلامية وترسى عليه ثقافتها الخاصة لتمييزها عن بقية شعوب العالم هو الفكر الإسلامي بقيمة و مبادئه الأصيلة..!

    فإذا كان واقع الأمة العربية والإسلامية متأخراً.. فعلاج هذا التأخر لا يتحقق بنقل الفكر الغربي بمناهجه ومذاهبه وثقافته الخاصة وإنما هذا العلاج بانتشار التعليم واعتماد سياسة تعليميه ترتكز على العلوم التطبيقية الحديثة التي حققت تفوق الغرب (علمياً) وأعتقد بأن تلافي عيوب الغرب الأخلاقية يكمن في تطبيق المبادئ والقيم الإسلامية الأصيلة..!

    وقد لاحظت في كثير من الأحيان بأن هناك الباسا في تفسي أو تقدير الاصطلاح الذي يثار عادة وهو اصطلاح (التغريب الفكري).. فهناك من ينصرف ذهنه إلى أنه يعني التقدم العلمي وتطوره في الغرب.. ولذلك تجده لا يستسيغ إثارة هذا الموضوع.. علماً بأن هذا الاصطلاح لا يعني التقدم العلمي وتطوره.. وإنما يعني محاولة نقل مناهج فلسفيه تخالف العقيدة الإسلامية.. أو مذاهب مادية كالشيوعية تتعارض مع مبادئ وتعاليم الدين الإسلامي..!!

    كما أن التغريب الفكري يشمل محاولة البعض نقل معارف نظرية أو ثقافية نشأت وتكونت في الغرب لتلائم حياة شعوبه في مجال التربية والاجتماع واللغات والثقافة.. فليس من المفيد مثلاً نقل تلك الدراسات النظرية لتطبيقها على الأمة العربية.. فما يصلح للشعوب الغربية قد لا يكون بالضرورة صالحاً للتطبيق في شعب آخر.. وهذا هو التغريب الفكري الذي يحذر منه كثير من المفكرين والمصلحين في العالم العربي والإسلامي..!!