قلت في كلمه سابقه.. أن الأمة العربية قد أصبحت في تاريخنا المعاصر تعاني من ظاهرة التأثر بالدعاية.. لعمد تحكيم العقل في مواجهة كل مبدأ أو منهج معرفي يتعارض مع أصالته وجذورها التراثية.. وأنها لم تبرد – تاريخياً- كأمة مؤثره في غيرها من الأمم إلا باعتناق دعوة إلهيه قامت على تعاليمها ومبادئها ونظمها حضارة عظيمه في التاريخ الإنساني.. وأنها بعد أن ضعف في وجدانها الحافز الديني أصبحت أمة تتأثر بالدعاية.. وإن كانت أمة مضلله..!!
خذ مثلاً فكرة فصل الدين عن الدولة التي انتشرت في القرن التاسع عشر لدى المجتمعات الغربية لمواجهة الحكم الإقطاعي في الغرب وتأييد الكنيسة له لأنه كان يحكم الشعوب الغربية بتفويض إلهي كما تزعم الكنيسة المسيحية.. هذه الفكرة قد تأثرت بها النخبة العربية في مطلع القرن العشرين بسبب الدعاية لها في بعض البلاد العربية الخاضعة للحكم العثماني حينذاك فقد آمن بها أدباء ومفكرون من أبناء الأمة العربية.. دون أن يكون هناك مبرر لاعتناقها أو الإيمان بها.. لأن الدين الإسلامي لا يوجد فيه أصلاً نظرية التفويض. الإلهي المعروفة في الدين المسيح!!
وبعد ذلك انتشرت في الغرب مذاهب فلسفيه تدعو للعلمانية والانسلاخ عن العقيدة الدينية بتحريض من الصهيونية العالمية المعادية للدين المسيحي.. لموقفه من فكرة صلب المسيح عليه السلام على يد اليهود..!!
هذه المذاهب أيضاً قد انتشرت في الصحافة وفي الأوساط الثقافية في البلاد العربية التي خضعت للاستعمار الغربي بعد الحرب العالمية الأولى وفي الجامعات على يد مستشرقين وأشخاص درسوا في الغرب..!!
ومن تصدى منهم للكتابة في الإصلاح الاجتماعي.. أو ألف كتباً عن عصر النهضة الأوروبية كان يدعي تقليداً أو لغرض نفسه.. إن النهضة العلمية في أوروبا لم تتحقق إلا بفضل ثورة المجتمعات الغربية على الكنيسة.. وهو تعليل أو تدليل دعائي لا تخفي بواعثه وأهدافه..!!
ومن المؤسف أن هذا الطرح قد وجد قبولاً من بعض النخبة العربية بسبب التأخر العلمي والمعرفي في البلاد العربية.. وهو طرح مضلل وخادع لأن التأخر العلمي في ذلك الوقت لم يكن بسبب إيمان الفرد بعقيدة دينيه.. ولكنه ناتج عن إفراز عصور مظلمه من الجهل والأمية في المنطقة العربية.. ولأن الدين الإسلامي بتعاليمه ومبادئه لم يكن ضد العلم والمعرفة المفيدة للإنسان.. وتاريخ الحضارة العربية أكبر شاهد على ذلك..!!
فالذي أريد أن الفت نظر شبابنا المثقف إليه.. هو أن الأمة العربية لن تتخلص من التبعية والاستغراب الفكري إذا تأثر أفرادها بالدعاية المضللة.. ولن يكون لها تأثير في عالمنا المعاصر إلا بإيجاد واقع علمي تطبيقي يحقق لها القدرة الذاتية.. أما الدعوة لمناهج فكرية حديثة ومعارف نظرية تتعارض مع الأصالة العربية.. فهي ضلال وتضليل وتكريس للتبعية..!!