هناك من يرى بأن الانفتاح على الثقافات العالمية لا مفر منه لأي شعب يتطلع لمستقبل ثقافي.. أو يطمح لتكوين حضارة حديثه..!! لأن التأثير والتأثر بالمعرفة والثقافة بين مختلف الشعوب في كل العصور يعتبر حتميه تاريخيه..!! ولأن الحضارات التي عرفت في التاريخ قد نشأت من التأثر بحضارات سابقه عليها..!!
فالحضارة العربية مثلاً لم تنشأ من لا شيء بل أنها تكونت وتدعمت بفضل انفتاحها على ثقافات عالميه أخرى.. وأن الفكر الإسلامي نفسه لم يرفض الفكر الإغريقي أو الروماني الذي كان سائداً من قبل.. فالذين يتخوفون من (الغزو الفكري).. ويشكون في كل معرفه تأتي من الغرب في العصر الحديث لا يدركون هذه الحقيقة التاريخية..
وحتميه التأثر والتأثير في الثقافة والمعرفة حقيقة لا جدال فيها.. غير أن الخلاف الذي تثيره الساحة الأدبية في العالم العربي من وقت لآخر بين المفكرين الأصوليين والمفكرين الذين تأثروا بالثقافة الغربية في عصر النهضة العربية الحديثة.. منذ عهد رفاعه الطهطاوي ومنصور فهمي ولطفي السيد وطه حسين وتوفيق الحكيم وسلامه موسى وغيرهم.. ولا يزال أمثال هؤلاء متواجدين في الساحة الأدبية حتى الآن.. كان الخلاف يدور حول مفهوم الانفتاح الثقافي على الغرب.. أو بالأصح حول موضوع ومضمون التوجه الفكري الذي يدعو إليه هؤلاء الأشخاص..!!
والمفكرون الأصوليون لم يكن أحد منهم ينكر أو يرفض الانفتاح على العلوم المتقدمة في الغرب.. أو العلوم النظرية المفيدة للإنسان في الحياة.. ولكنهم كانوا يعارضون دعوة المتلقي العربي لتقليد عادات وسلوك اجتماعي يسود في الغرب.. يتعارض مع التقاليد العربية الأصيلة..!! أو التأثر بمذاهب فكريه فلسفيه.. ونظريات اجتماعية أو نفسيه معروفه ابتدعها منظرون غربيون أدت إلى الانحلال الفكري في الغرب!!..
إذن ليس هناك خلاف حول نظريه التأثر والتأثير الثقافي أو الحضاري.. أي نقل العلوم التطبيقية المتقدمة في الغرب أو العلوم النظرية المفيدة للإنسان.. إنما الخلاف ينصب بين الأصوليين.. والمستغربين حول مفهوم الانفتاح الثقافي الذي يدعو إليه.. وهو في حقيقته يتعارض مع الأصالة والتراث..!! وللحديث صله..!!